أقرّ حزب الله إجراءات تنظيمية جديدة، تشمل تعيين مسؤولين جدد في مواقع قيادية متعددة. وكان حزب الله قد أعلن، قبل أشهر، عن ورشة داخلية وتنظيمية فيه. وطوال هذه الفترة السابقة، تحدثت معلومات عن تغييرات داخل البنية التنظيمية للحزب. بعضها، وضع في إطار تجديد الدماء في أوردة المناصب القيادية. وبعضها الآخر، وضع في خانة الإجراءات التنظيمية، التي تهدف إلى التغيير أو المحاسبة أو تعزيز منطق العمل في تفاصيل الشؤون الداخلية اللبنانية، وهي تستوجب تلاؤماً ما بين هذه التعيينات وبين المسار الجديد الذي يفتتحه الحزب سياسياً، من خلال حملة مكافحة الفساد، واهتمامه على نحو مكثّف وأساسي بهموم الحياة اليومية اللبنانية.
إجراءات عقابية
الخطوة التي أقدم عليها الحزب، كان يجب أن تحدث قبل الانتخابات النيابية. لكن، تحسباً لأي إشكالات أو ارتدادات لهذه الإجراءات على العمل الإنتخابي، كان لا بد من تأجيلها. خصوصاً، أن معظم المسؤولين في هذه المواقع كانوا على تماس مباشر في إدارة العملية الانتخابية بمختلف المناطق. وبالتالي، لم يكن بالإمكان الانشغال بتلك الإجراءات التنظيمية على حساب التحضير للانتخابات النيابية.
منذ فترة، يعمل حزب الله على التشدد في الجوانب التنظيمية، لا سيما فيما يتعلّق بكل ملفات الفساد أو الشبهات. وحسب ما تشير مصادر متابعة، فقد تم التحقيق مع أكثر من مسؤول، بشبهة استغلالهم لمناصبهم لخدمة مصالح شخصية، أو ما يخالف أدوارهم ومهامهم، أو بما لا يخدم توجهات الحزب. وهذه التحقيقات انتهت إلى إجراءات عقابية بحق بعض المخالفين. وهذا، ما انسحب أيضاً على بعض المحسوبين على الحزب، في بعض المراكز العامة، وانعكست أيضاً على عمل البلديات التابعة لحزب الله.
إجراءات العسكرية
يعمل حزب الله في مساره التنظيمي في خطين متوازيين. الشق التنظيمي الإداري، والشق العسكري أيضاً. مجلس الشورى يتخذ القرارات التنظيمية. بينما المجلس الجهادي، وهو أعلى سلطة عسكرية في الحزب، يتولى اتخاذ القرارات العسكرية، وإعادة ترتيب الوضع العسكري، في لبنان وخارجه، ولا سيما في سوريا، بعد كل التطورات التي حدثت هناك، وانخفاض منسوب المواجهات العسكرية. ومن بين الإجراءات العسكرية التي يتخذها المجلس الجهادي، هو تعيين مسؤولين وقادة عسكريين في مناصب معينة، لكن هذه تبقى سرّية، بخلاف الإجراءات التنظيمية، الإدارية أو السياسية. كما تشمل الإجراءات العسكرية إعادة تحديد مهام القطعات العسكرية، لا سيما القوات الحزبية الموجودة في سوريا، سواء عبر إعادة التموضع، أو عمليات نقل المقاتلين والفرق من مناطق إلى أخرى، أو إعادة بعضها إلى لبنان.
تعيينات وقادة جدد
في الشق الإجرائي والإداري، فقد بدا واضحاً من خلال التعيينات الجديدة المتخذة، تغليب الجانب السياسي المحلي اللبناني على أي مسائل أخرى. وهذه إشارة تدلّ إلى أن الحزب يعمل أكثر فأكثر باتجاه تعزيز دوره لبنانياً، انسجاماً مع الشعارات التي رفعها. وهي تطوير العناية بالخدمات الاجتماعية في المناطق، والتركيز على حملة مكافحة الفساد. وهذه كلها تقتضي تعزيز دور رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين، والذي يمثّل موقعه كما لو أنه "رئيس الحكومة" داخل الجسم التنظيمي للحزب. وبما أن اهتمامات الحزب اللبنانية ستزداد، وأعباء صفي الدين ستتضاعف، كان لا بد من رفع عدد معاونيه من خمسة إلى ثمانية. فتم تعيين ثلاثة قياديين جدد معاونين له، وهم الشيخ حسين زعيتر،الذي كان مرشحاً عن المقعد الشيعي في جبيل، ما سيعزز دوره في الشق السياسي والتنظيمي، بالإضافة إلى تعيين عبد الله قصير معاوناً لصفي الدين، وكذلك تعيين أحمد صفي الدين.
وفيما تم تعيين بديل من محمد ياغي "أبو سليم"، وهو كان مسؤول منطقة البقاع، فقد عين ياغي معاوناً تنفيذياً للأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله. وحسب ما تؤكد المصادر، فإن ياغي يعاني من فشل كلوي. ولذلك اتخذ القرار بتعيين بديل منه، أما المنصب الذي عيّن فيه، فأقرب إلى التكريم مع إحالته إلى التقاعد. وعليه، تم اختيار حسين النمر، مسؤولاً لمنطقة البقاع. كما عين الشيخ محمد عمرو، مسؤولاً للمنطقة الخامسة، فيما عين حسين ناصر، مسؤول منطقة الجنوب، ومحمد بدير مسؤول وحدة الإعلام الحربي في لبنان. إذ عمل الحزب على الفصل بين الإعلام الحربي في لبنان وسوريا، وتم تعيين غازي أخضر مسؤول الإعلام الحربي في سوريا.