دافعت الولايات المتّحدة الأربعاء في مجلس الأمن الدولي عن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، وهو موقف دانه بالإجماع شركاؤها الـ14 الآخرون في الأمم المتّحدة خلال جلسة طارئة عقدت بطلب من سوريا. وأعلنت الولايات المتّحدة الأربعاء تأييدها الإبقاء على قوّة الأمم المتّحدة لمراقبة فضّ الاشتباك في الجولان (أندوف). وأكد دبلوماسيون من دول كبرى لـ«الشرق الأوسط» أن قرار الرئيس الأميركي «لن يؤثر» على التفويض الممنوح لقوة الأمم المتحدة أو على التمديد المتوقع لها خلال الأشهر القليلة المقبلة.
ورغم التطمينات الأميركية في شأن تفويض «أندوف» واستمرارية عملها، قال دبلوماسي لـ«الشرق الأوسط» إن «مسألة اعتراف الولايات المتحدة بالجولان كجزء من إسرائيل تطرح أسئلة عميقة في شأن استمرار التوافق الأميركي - الروسي على هذه المنطقة»، منبهاً إلى أن «التجديد الدوري لقوة أندوف كان يحصل دائماً بمشروع قرار نادر يعد بصورة مشتركة بين الولايات المتحدة وروسيا ويقدم إلى بقية أعضاء مجلس الأمن للمصادقة عليه». وتساءل عما ستكون عليه الحال بالنسبة إلى خط فصل القوات الذي تشرف عليه «أندوف»، والمنطقة «ألفا» الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي والمنطقة «برافو» التي لا تزال تحت السيطرة السورية. وأكد أن «الأمر لا يتعلق فقط بالقرار 497» الذي اتخذه مجلس الأمن في 17 ديسمبر (كانون الأول) 1981 على أثر إعلان إسرائيل ضم الجولان، مشدداً على أن «الاستيلاء على الأراضي بالقوة غير مقبول بموجب ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة». واعتبر أن «قرار إسرائيل بفرض قوانينها وسلطاتها وإدارتها في مرتفعات الجولان السورية المحتلة لاغياً وباطلاً ولا أثر قانونياً له على الصعيد الدولي»، مطالباً إسرائيل «القوة المحتلة، بأن تلغي قرارها فوراً».
وبطلب من السلطات السورية التي وصفت إعلان ترمب بأنه «انتهاك فاضح» لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والقوانين الدولية، عقد مجلس الأمن جلسة علنية استمع فيها إلى إحاطتين، الأولى من وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو والثانية من وكيل الأمين العام لعمليات السلام جان بيار لاكروا. وعرضت ديكارلو لسياق الحروب السورية - الإسرائيلية في الجولان. وقالت: «سأعيد التأكيد على بيان الأمين العام (أنطونيو غوتيريش) المتمثل في أن موقف الأمم المتحدة بشأن الجولان معروف وواضح، ينعكس هذا الموقف في القرارات ذات الصلة الصادرة من مجلس الأمن والجمعية العامة وخاصة قراري مجلس الأمن 242 و497». وأملت في «ألا تستخدم التطورات الأخيرة كذريعة من قبل أي طرف للسعي للقيام بعمل قد يقوض الهدوء النسبي بشأن الجولان وما أبعد من ذلك»، مؤكدة أن «الأمم المتحدة ستواصل متابعة التطورات على الأرض عن كثب».
أما لاكروا فقال إنه «جرى الحفاظ على وقف النار بين إسرائيل وسوريا، رغم عدد من الانتهاكات التي عاينتها قوة الأمم المتحدة لمراقبة فك الاشتباك بموجب اتفاق فصل القوات لعام 1974»، موضحاً أن ذلك «شمل عبور خط وقف النار من مدنيين على الجانب برافو (الذي يخضع للسيطرة السورية)، ووجود غير مصرح به لمعدات وأفراد في منطقة الفصل المحدودة وإطلاق النار في منطقة الفصل وعبر خط وقف النار». وأكد أن «الدعم المستمر والتعاون من الأطراف مع أندوف له أهمية حاسمة»، داعياً إلى تعاون كل من إسرائيل وسوريا «حاسم لضمان حرية الحركة الكاملة» لـ«أندوف».
وقال المنسق السياسي للبعثة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة رودني هانتر إن بلاده «تشعر بالقلق حيال التقارير التي تفيد عن وجود لحزب الله في منطقة الفصل، مما يزيد من احتمال حصول أعمال عدائية»، مضيفاً أنه «لا توجد فرصة للسلام بين سوريا وإسرائيل إذا كان حزب الله حاضراً في منطقة الفصل». واعتبر أن «حزب الله مستعد للمخاطرة بأبنائه اللبنانيين في مهاجمة إسرائيل، ونعتقد أنه ليست لديه أي مخاوف من المخاطرة بحياة الشعب السوري أيضاً». وكرر أن الولايات المتحدة «تدعم بقوة وتؤكد حق إسرائيل السيادي في الدفاع عن النفس». وأعلن أن «أندوف تضطلع بدور حيوي في الحفاظ على الاستقرار بين إسرائيل وسوريا»، مشدداً على المحافظة على منطقة الفصل كـ«منطقة عازلة خالية من أي وجود أو نشاطات عسكرية» ذات «أهمية استراتيجية وأمنية حيوية» لإسرائيل. وأضاف أن ذلك «يمكن أن يساهم في استقرار الشرق الأوسط بأسره». ورأى أن اعتراف الولايات المتحدة بالجولان كجزء من إسرائيل «لا يؤثر على اتفاق وقف النار لعام 1974» فضلاً عن أنه «لا يقوض تفويض قوة الأمم المتحدة لمراقبة فك الاشتباك بأي شكل من الأشكال».
وحض نائب المندوب الروسي الدائم فلاديمير سافرونكوف كل حكومات العالم على مواصلة النظر إلى الجولان باعتباره «أرضاً محتلة من إسرائيل». وأكد المندوب الكويتي منصور العتيبي أن «قرار إسرائيل - السلطة القائمة بالاحتلال - بفرض قوانينها وسلطتها وإدارتها على الجولان السوري المحتل تعتبر باطلة ولاغية وليس لها أثر قانوني على الصعيد»، وفقاً للقرار 497. آسفاً «لقرار الولايات المتحدة بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان». وأكد «دعمنا ومساندتنا لمطلب سوريا العادل وحقها في استعادة الجولان العربي السوري المحتل».
ورغم دعمهما السيادة السورية على الجولان، قرع المندوب الألماني كريستوف هوسيغن ونظيرته البريطانية كارين بيرس حكومة الرئيس بشار الأسد لطلب هذا الاجتماع. وشهدت الجلسة سجالات ساخنة بين المندوب السوري بشار الجعفري ونظيره الألماني، فضلاً عن ردود متبادلة مع المندوب الإسرائيلي داني دانون.
وقال الجعفري إن «تخاذل الأمم المتحدة في مواجهة الموقف الأميركي الخطير لن يترك أمام الدول والشعوب الرازحة تحت الاحتلال إلا إعمال مبدأ: ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة».