وجه رئيس هيئة أصحاب الحق سماحة الشيخ نظير جشي رسالة إلى اللبنانيين تحدث خلالها عن أهمية إقرار قانون العفو العام ومدى ارتباطه بالمساعي حول تثبيت السلم الاهلي والاجتماعي في لبنان مشيرا إلى استمرار التحرك من أجل إقرار هذا القانون بأسرع وقت ممكن وفيما يلي نص الرسالة:
إلى عوائل الشهداء..
أمّهات الشهداء وأباء الشهداء...
زوجات الشهداء وأبناء الشهداء..
أخوة الشهداء وأخواتهم وجميع محبّيهم والمُتعاطفين معهم...
السلام عليكم جميعًا ورحمة الله وبركاته.
عوائل شهداء الجيش الوطني
اللّبناني والقوى الأمنيّة اللّبنانيّة
قبل البدء بأيّ كلمة فإنّ رؤوسنا تنحي إجلال وإكبارًا..
أمام إقدام أمهات الشهداء وأبنائهم فإنّ تربيتكم لأبنائكم رفعت رؤس جميع اللّبنانيّين بل رفعت رأس كلّ حرّ وشريف، وعندما نطالب بمطلب العفو العام فإنّنا نخجل من دموعكم وأحزانكم وآلامكم لكنّنا اليوم نُريدُ التحدّث بعقل وحكمة.
إنّ أبناءكم قدّموا أنفسهم وأرواحهم قرابين على مذبح هذا الوطن الكريم من أجل حفظه وصونه ودفاعًا عن كرامته وعزّته، هؤلاء الشهداء العظام لم يكُن عندهم سوى همًّا واحدًا ألا وهو وطنهم وكرامة أهلهم ولو أنهم عادوا إلى الحياة مُجدّدًا ليقدّموا أنفسهم قرابينًا ثانية وثالثة وما كانوا ليكلّوا أو يبخلوا..هدف شهادتهم أسمى بكثير من أن نقف سدًا قبالة المُصالحة الحقيقيّة التي لا بُدّ منها في هذا البلد وإلّا ستبقى النفوس مُلتهبة.
إن دم أبنائكم أغلى وأقدس وأطهر وأرفع من أن يُساوم عليه هُنا وهُناك فإنّه إن كان لأيّ أحد كرامة في هذا الوطن فإنّه بسبب دمائهم الطاهرة والزكيّة.
الشهداء إختارهم الله إلى جواره وتغمدهم برحمته وأعزكم بهم وأعزنا بهم ويجبُ أن نفخرُ فخرًا حقيقيًّا بتضحياتهم وكرمهم الّلا محدود ولو أنّنا إستطعنا سؤالهم عن رغبتهم لكانوا أجابونا "اغفروا لم أساء إليكم" أتعرفون لماذا؟ لأنّ من يختاره الله شهيدًا وقربانًا لا يُمكنُ أن يَملأ قلبه الحقد والكراهية وادركوا تمامًا أنّ الله لا يُمكن أن يتغاضى عن الظلم وهو أسرع إستجابة لدعوة المظلوم من المطر المُتساقط إلى الأرض فقصاص الأرض لا يُمكنُ أن يكون عادلًا مهما حاول أهل الأرض.
أبناؤكم الشهداء وصلوا إلى ذروة العطاء وقمّة الكمال الإنساني والأخلاقي وكانوا أهل الجود الكرم اللّامُتناهي.
نطلبُ منكم والغصّة في القلب والراس منحني أمام أقدامكم أن تُسامحوا وتعفوا وتصفحوا وتتجاوزوا وأن تكونوا كرامًا ولطالما كنتُم.
وأن تخرجوا كلّ حقد وضغينة من النفوس من أجل إستقرار هذا الوطن وبناء هذا الوطن وحماية هذا الوطن من الفتنة والتقسيم.. وصدقوا أن أرواح أبنائكم الطاهرة ستَسكُن وتطمئن وترتاح وتهدأ إن هدأتم وسامحتم وعفوتم فلا تكونوا حجر عثرة أمام المُصالحة الوطنيّة لهذا الوطن وأبنائه.
الجميع يعرف ما حصل في السابق من فتن وحروب التي مرّ بها بلدنا الحبيب.. لقد حصل في بلدنا حروب إلغاء حقيقيّة مسيحيّة- إسلاميّة و مسيحيّة – مسيحيّة وإسلاميّة- إسلاميّة وخلّفت الدمار الهائل والمجازر التي يندى لها جَبين الإنسانيّة لكن كان لا بُدَّ للكراهية والفتن أن تقف عند حد كي نستطيع العيش سويًّا في هذا البلد.
من هُنا كانت المُصالحات وسامحت الناس بعضها بعضًا وتمّ إقرار عفوًا عامًّا كون هُناك صفحة جديدة لمُستقبل أبنائنا وكي لا تستمرّ الحروب والفتن والأحقاد.
أنتم اليوم أمام خيارين..إمّا المُسامحة والتجاوز وتسليم أمركم لله الواحد القهّار وكفى به وكيلًا إسهامًا منكم لولادة وطن حقيقي وبناءه والمضي به قدمًا، وأمّا الإصرار على أخذ الثأر والقصاص من المُتهمين وهذا حقكم الشرعي على من يُثبت عليه الجرم.
لكنّكم بالخيار الأوّل "خيار المُسامحة" تكونون قد صعدتم سلم ذروة الكمال الإنساني والأخلاقي وجسّدتم شهادة أبنائكم بسلوكِكم طريق العفوّ والمُسامحة وكنتم حجر الأساس في بناء وطنكُم الحبيب وتستحقّون بذلك أرفع وسام للإنسانيّة.
وإن إخترتم الخيار الثاني "خيار القصاص والمُحاسبة" والذي هو حقكم تكونون قد وكّلتم أمركم إلى أنفسكم، واخترتم بقاء الوطن يعيش في دوام الكراهيّة والثأر والقصاص وبذلك تؤخرون قيام مشروع الدولة والمُصالحات الحقيقيّة بين أبنائه وجميعنا يتفّهم مشاعركم ولا يآخذكم بذلك.. لكنّ ما عرفناه من كرمكم يجعلنا متأمّلين فيكم أن تعفوا وتصفحوا وتُسامحوا وتُسلّموأ أمركم إلى الله عزّ وجلّ.. في الختام وكي لا تشتبه الأمور على أحد.
نحنُ نُطالبُ بـِ عفو عام نعم.. لكنّ هذا لا يعني أن لا يكون فيه إستثناءات وبالتالي كما نُطالبُ بالعفو العامّ نُطالبُ بإنزال القصاص العادل والقاسي بحقّ كلّ من:
1- الجاسوس الذي باع شعبه ووطنه ودينه لمصلحة العدو.
2- أمراء الإرهاب الذي كان دورهم إستقطاب الشباب وتحريضهم على القتل والإرهاب.
3- أصحاب الجرائم الشنيعة والإغتصاب تلك الأصناف الثلاثة من الجرائم نحنُ لا نُطالبُ بها بل نُطالبُ بإنزال أقصى العقوبات بحقّهم.
أيّها الشعب الكريم وعوائل السجناء..نحنُ سنعمل على توحيد اللّجان المُطالبة بالعفو العامّ من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ومن البقاع إلى بيروت سنّة وشيعة، مُسلمين ومسيحيّين ودروز وعلويّين كي نكون يدا واحدة ويكون مطلبنا موحدًا وسنعتصم بطريقة سلميّة وأسلوب حضاري بما هو حقّ مشروع لنا إن لم يُصار إلى إدراج بند العفو العام ضمن الأولويات.
وإلى أن يتمّ إقرار العفو العام نأمل منكم التجاوب والتعاون والتكاتف عندما نُطالب بالنزول إلى الشارع
تذكّروا أن ألمكم واحد وجرحكم واحد وإن المرمي في السجون هم أبناؤكم وأزواجكم وأخوانكم وأباؤكم لا أزواجهم وإخوانهم وأبناؤهم، فلا تسمحوا لأحد أن يؤثّر عليكم.. ونحنٌ وإيّاكم على الموعد القريب العاجل إن شاء الله.