أكد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان أن "التعايش بين المسلمين والمسيحيين في لبنان، يشكل أساس السلم الأهلي، الذي صمد في وجه التحديات، التي عصفت في الشرق الأوسط".
وقال في كلمة في المؤتمر الدولي الذي تقيمه رابطة العالم الإسلامي في روسيا الاتحادية بالتعاون مع الإدارة الدينية لمسلمي جمهورية الشيشان، بعنوان: "الإسلام رسالة الرحمة والسلام": "لقد احتفل المسلمون والمسيحيون اللبنانيون معا، بسكوت أوكار الإرهاب الذي مارس جرائمه باسم الدين، وهم يتطلعون بشوق إلى الدعوة التي وجهتها رابطة العالم الإسلامي، بعقد مؤتمر إسلامي مسيحي عالمي في بيروت، بعد شهر رمضان المبارك، وذلك تأكيدا من الرابطة، ومن أمينها العام على دور لبنان، كمركز دولي للحوار بين أهل الأديان والثقافات".
أضاف: "نأمل أن تكون قضية عودة إخواننا السوريين، الذين نزحوا إلى لبنان تحت ضغط سنوات المحنة الدامية، التي مرت بها الشقيقة سوريا، قد سويت بما يحفظ كرامتهم وأمنهم وسلامتهم في إطار المشروع الذي يعمل عليه رئيس الحكومة، السيد سعد الحريري مع أركان الدولة اللبنانية، ومع المؤسسات الدولية، فنحن نريد لهم عودة كريمة، لا توطينا واستيطانا، تكون عنوانا للسلام الذي نريده لسوريا العزيزة ولشعبها الشقيق، الذي نريده أيضا لنا ولكل مجتمع. كما نريده للشعب الروسي الصديق، ولكل شعوب العالم الأخرى، مهما تعددت عقائدها وأديانها، ومهما اختلفت ألوانها وثقافاتها، فالناس كل الناس خلقهم الله تعالى من نفس واحدة. والسلام لهم سلام لنا. والسلام علينا سلام عليهم.
نحن هنا في موسكو، العاصمة الكبرى بين عواصم العالم، المؤثرة في صناعة القرار السياسي في الشرق كما في الغرب، نرفع كمسلمين شعار السلام، باعتباره ركنا أساسيا من أركان عقيدتنا الإسلامية، وقاعدة ثابتة من قواعد تعامل المسلمين مع العالم، فنحن عندما نتوجه إلى الآخر بتحية؛ "السلام عليكم" فإننا نتمنى له السلام وندعوه إليه. فالسلام هو اسم من أسماء الله الحسنى، والتزام السلام، والعمل له وبموجبه، هو التزام تعاليم الله، والعمل من أجل خير الإنسانية كلها، وهو بالتالي واجب على كل مسلم ومسلمة".
وتابع دريان: "إن السلام ليس مجرد شعار نرفعه، بل هو منهج حياة، وهو لا يعني في مفاهيمنا، وفي ثقافتنا الدينية، مجرد وقف الصراع أو تجنبه، ولكنه يذهب إلى أبعد من ذلك، ويعني العمل على بناء علاقات مع الآخر المختلف، تقوم على قواعد المحبة والاحترام، إيمانا منا بأن الله سبحانه وتعالى، خلقنا مختلفين، ودعانا إلى التعارف، والتعارف ينطلق من مبدأ تقبل الاختلافات واحترامها.
وحتى في إطار علاقاتنا الإسلامية الإسلامية، فإن الله دعانا إلى الاعتصام بحبله، وحبل الله هو القرآن الكريم. كما دعانا إلى عدم التفرق، ولم يدعنا إلى عدم الاختلاف، فقال سبحانه وتعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" ولم يقل: ولا تختلفوا".
وختم: "نحن نستطيع أن نحافظ على وحدتنا مع الاختلاف في الاجتهادات المذهبية، ونستطيع أن نحافظ على وحدتنا مع تعدد الشرائع الدينية. وتجربتنا في لبنان، الذي يتألف من ثماني عشرة طائفة إسلامية ومسيحية، تشكل نموذجا يحتذى به في المجتمعات المتعددة الأخرى، ليس في المشرق العربي فقط، إنما في العالم كله".