انتخابات الرئاسة الاميركية (ومعها كل مجلس النواب وثلث مجلس الشيوخ) لا تزال بعيدة فحوالي 19 شهراً تفصلنا عنها، ومع ذلك فهي الخبر الأول في الميديا الاميركية كل يوم.
قرأت تحقيقاً لأخينا الدكتور جيمس زغبي عن ايوا، وهي أول ولاية ستصوت في انتخابات الرئاسة، لذلك فهو هناك لتشكيل لوبي يؤيد حقوق الإنسان الفلسطيني وسلاماً عادلاً في الشرق الأوسط.
طريقة انتخاب الرئيس في ايوا تختلف عن الولايات الأخرى فعشرات ألوف، أو مئات ألوف من الناخبين يجتمعون في مدارس أو مبانٍ عامة، وربما في بيوت، ويوم الانتخاب يتفرقون في جماعات لكل منها مرشحها المفضل للرئاسة. إذا كان لمرشح جماعة صغيرة فقد تختار أن تؤيد واحداً من المرشحين الأفضل حظاً في الرئاسة. الناخبون قد يرسلون معلومات عن قضايا تهمهم لتضم الى البيان السياسي لمؤتمر الولاية عن الانتخابات.
الناخبون في ايوا يستطيعون أن يستجوبوا المرشحين للرئاسة، وهذا غير ممكن في كل ولاية من الولايات المتحدة التسع والأربعين الأخرى لذلك كانت تجربة ايوا دائمة فريدة من نوعها.
بين المرشحين للرئاسة جو بايدن وعمره 76 عاماً وبيرني ساندرز وعمره 77 عاماً. انتخابات الرئاسة في الشهر قبل الأخير من سنة 2020 والرئيس سيدخل البيت الأبيض قرب نهاية أول شهر من 2021، وإذا فاز ساندرز أو بايدن بالرئاسة فسيكون قريباً من الثمانين، وهذا عمر لا يفيد الرئاسة الاميركية.
كان ونستون تشرتشل في السابعة والسبعين وهو رئيس للوزراء وطلب منه الملك جورج السادس أن يترك رئاسة الوزارة فرفض، وبقي فيها حتى تعرض لنوبة قلبية أجبرته على ترك الحكم. بايدن وساندرز لا يدخنان السيجار ولا يشربان الويسكي في الصباح كما فعل تشرتشل، إلا أنه كان ذكياً جداً وأدار رئاسة الوزارة بحكمة.
بايدن له 11 سنة أخرى على قيد الحياة وساندرز له مثله تقريباً نظرياً، إلا أن كلاً منهما لا يستطيع أن يدير الحكم وهو يقترب من النهاية. بايدن يمارس الرياضة كل يوم وساندرز لا يفعل. مع ذلك كلاهما سيكون في عمر يصبح العقل معه أقل نشاطاً مما كان وصاحبه في الخمسين أو الستين.
هنري كيسنجر كان تجاوز التسعين وبقي عقله جيداً، وعندنا محمد حسنين هيكل وهو كان قريباً في العمر من كيسنجر ولا أعتقد أنه تعرض للخرف وهو في آخر سنوات العمر. مع ذلك ما أكتب عن كيسنجر وهيكل قد لا يكون صالحاً للتطبيق على مرشح للرئاسة الاميركية يحمل مشاكل العالم على ظهره.
ساندرز وبايدن في المستقبل، والآن في البيت الأبيض هناك دونالد ترامب الذي قد يرسل تغريدة كل ساعة من نهاية الأسبوع. هو لم يدِن العنصري الأبيض الذي قتل أكثر من 50 رجلاً وإمرأة وطفلاً صغيراً في مسجدين في كرايستشيرتش في نيوزيلندا، بل إنه لم يدِن العنصريين البيض من أمثال القاتل. كما أنه لم يبدِ أي تعاطف مع الضحايا من المسلمين، بل إنه قال في تغريدة إن مرتفعات الجولان يجب أن تسيطر عليها اسرائيل. أقول له ألف لا ولا.
ترامب كان مشغولاً بمهاجمة التغطية التلفزيونية لنشاطه الرئاسي، فهو يشعر بأنه لا يستحق مثلها. هو أيضاً استمر في مهاجمة السناتور الراحل جون ماكين كما فعل في آخر سنوات حياة السناتور ممثل اريزونا في مجلس الشيوخ.
هل هذا أهم من السلام مع كوريا الشمالية، أو السلام في الشرق الأوسط؟ السلام أهم من معارك ترامب مع الأشباح، ولكن الرئيس يتصرف كمراهق ضد أعدائه، ويترك للجمهوريين أن يدافعوا عنه. بعضهم يفعل وبعضهم يسكت، وترامب يستعمل الفيتو لنقض قرار لمجلس النواب عدم تمويل جدار مع المكسيك.