هل أدت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية جبران باسيل إلى الرئيس سعد الحريري أغراضها بعد التصريح الناري لرئيس التيار الوطني الحر الذي هدّد فيه بتطيير الحكومة، إذا استمر الخلاف بينه وبين رئيس الحكومة حول قضية عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، أم ان هذه الزيارة كانت فقط لأجل التهدئة، وابقت النار تحت الرماد طالما ان الخلاف حول عودتهم ما زال قائماً كما تؤكد على ذلك المواقف الثابتة لكل منهما من هذه القضية؟
التصريحات التي أطلقها رئيس «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع غداة حصول الاجتماع بين رئيس الحكومة ووزير خارجيته في هذا الشأن والتي ألمح فيها بشكل صريح إلى ان الخلاف بين الحريري وفريقه وبين التيار الوطني ما زال قائماً وان التيار الوطني يضع العصي في طريق الحكومة التي كان من المفترض بها ان تحوّل مجلس الوزراء إلى ورشة عمل منذ اليوم الأوّل لنيل الحكومة الثقة النيابية عازياً السبب في التأخر عن قيام هذه الورشة إلى العصي التي وضعت في طريق الرئيس سعد الحريري، من دون ان يحصل أي نفي لهذا الأمر من أي من الفرقاء الذين يقصدهم الدكتور سمير جعجع، عدا ما صدر عن الرئيس الحريري نفسه من ان التسوية مع رئيس الجمهورية وتياره ما زالت قائمة وقوية وهي أشبه ما تكون بالزواج الماروني، وكأنه في ذلك التصريح يرد على رئيس حزب «القوات اللبنانية»، أو انه يريد ان يُخفّف من حجم الأزمة الناشبة بينه وبين رئيس الجمهورية ومعه التيار الوطني الحر على خلفية معالجة ملف النازحين السوريين أو على خلفية الخلاف غير المعلن حول قضية التعيينات الإدارية في الدولة، وإصرار رئيس التيار الوطني الحر، كما بات معلوماً، على الاستئثار بحصة كل المسيحيين في هذه التعيينات من منطلق انه يمثل في المجلس النيابي أكثر النواب المسيحيين.
ان كل المؤشرات التي تبدت إلى العلن، منذ ان أطلق الوزير باسيل تصريحاته العنترية في وجه الرئيس الحريري، تميل إلى التأكيد بأن الخلاف بين الاثنين لا زال قائماً ومرشحاً لأن يعود وينفجر في أية لحظة يطرح فيها ملف عودة النازحين السوريين، ذلك لأن الوزير باسيل لم يسلم بعد بوجهة نظر رئيس الحكومة في هذا الشأن، والذي ما زال يُصرّ على رفض أي بحث مباشر مع النظام السوري في هذا الخصوص لاعتبارات كثيرة ليس فقط وضع الرئيس الحريري من قبل النظام السوري على لائحة الإرهاب، بل لأن العداوة بينه وبين هذا النظام عميقة الجذور وأكثر مما يتصورها رئيس التيار الوطني الحر وغيره من الفرقاء اللبنانيين المشاركين في حكومته ولا يزالون يعتبرون ان العلاقة مع النظام السوري متينة ولا يُمكن ان يتراجعوا عن هذا الأمر بأي حال من الأحوال.
وعلى هذه الخلفية لا يُمكن التسليم بأن زيارة الوزير باسيل قد أنهت الأزمة وعادت اللحمة إلى داخل الحكومة بحيث بات بالإمكان فتح باب التفاؤل بانتعاش الحركة الحكومية، والانتقال إلى مرحلة العمل والانتاج المطلوبين من هذه الحكومة لإخراج البلد من أزماته وفي أسوأ الأحوال لإنقاذ الحكومة من التشرذم الحاصل حالياً داخلها، واستعادة نشاطها المطلوب، بدلاً من اللعب على الوقت.