أولاً: الوصية الموروثة.. مناهضة الامبريالية الأميركية...
رفاقنا في الحزب الشيوعي اللبناني (أو ما تبقّى منه) ما زالوا يعيشون في حقبة الحرب الباردة، أيام شهد العالم وقوف جبّارين وجهاً لوجه: الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي.
وبما أنّ الرفاق كانوا في عداد المنظومة الاشتراكية الحمراء (نصيرة الشعوب المقهورة)، بمواجهة الامبريالية الأميركية (عدُوة الشعوب المستضعفة)، لذا كانت المعزوفة اللازمة في بيانات الحزب الشيوعي وخطاباته وشعاراته هي: محاربة الامبريالية الأميركية ومطاردتها أنّى وُجدت وأينما حلّت.
مع أفول الإمبراطورية الشيوعية مطلع تسعينيات القرن الماضي، وتشذّي الإمبراطورية إلى جمهورياتٍ عدّة، وفي مقدمتها جمهورية روسيا الاتحادية، تهاوت المنظومة الحزبية الحاكمة الشمولية، لا مكتب سياسي ولا أمين عام ولا ديمقراطية مركزية لينينيّة، لا صحيفة واحدة وإعلام مُوحّد، ثمّة اليوم الانتخابات الديمقراطية، وفتح أسواق العمل الرأسمالي والاستثمارات العقارية والرأسمالية، لا حرب باردة مع "الإخوة" الامبرياليّين في الغرب الامبريالي، ثمّة تعاون وتنافس "ناعم" معه حول "غزو" الأسواق المترامية فيما كان يُعرف بدول العالم الثالث أو الدول النامية احتراماً لشعور وأحاسيس شعوبها الصابرة.
إقرأ أيضًا: الجزائر العظيمة.. الانضباط الشعبي وغياب القمع السلطوي
في المنطقة العربية التي تُعاني في هذه الايام من وطأة امبرياليات عدّة، الأصيلة منها كالاميركيّة والروسية، والناشئة منها كالايرانيّة والتركية، فضلاً عن وجود الكيان الصهيونى المغتصب، والمتحفّز للعدوان دائماً، يُصرُّ الرفاق في الحزب الشيوعي اللبناني على الاحتفاظ بالموروث القديم: معاداة الامبريالية الأميركية، أمّا الخراب والاستبداد والقتل الذي خلّفتهُ، وما زالت، أنظمة الاستبداد العسكرية(والتي كانت تستلهم على الدوام التجربة الستالينيّة بحذافيرها ) فلم يجد الرفاق الشيوعيون ضيراً في تجاوزها، كما لا يجدون ضيراً في دعم الهيمنة الإيرانية "الامبريالية "على المنطقة العربية، طالما أنّ الشعارات المرفوعة هي مواجهة أميركا الامبريالية و"مقاومتها"، فهزيمة هذه الامبريالية"المفترضة" هي وحدها الحلُّ الشافي لمشاكل المنطقة المتعددة، أمّا الاجتياح الروسي الجديد لسوريا فيُمكن التغاضي عنه، اوليست روسيا هذه فيها من "عبق وعنفوان" الشيوعية "البائدة" الشيئ الكثير.
ثانياً: تظاهرة عوكر.. الأصيل والوكيل...
كان من المفترض أن يتظاهر أمام السفارة الأمريكية في عوكر بالأمس حزب الله، فهو المعني الأول بزيارة وزير خارجية أميركا اليوم، والمُستهدف من ورائها، إلاّ أنّ الحزب الشيوعي اللبناني فضّل القيام بهذه المهمة"النضالية" نيابةً عنه، فحزب الله"مُحرج" هذه الأيام في أكثر من موقف ومناسبة، ولا يُعرفُ الصديق إلاّ عند الضيق.
لمّا قال مسكين الدارمي مُفتخراً:
ناري ونارُ الجار واحدةٌ
وإليه قبلي تُنزلُ القدرُ.
قالت امرأته: صدقتَ، لأنّها نارُهُ وقدرُهُ.