ولم يظهر بوتفليقة في مناسبات عامة إلا نادرا منذ إصابته بجلطة دماغية قبل خمس سنوات، ويقول المحتجون إن دائرة غير واضحة من معاونيه، بمن فيهم شقيقه الأصغر القوي سعيد، تحكم البلاد باسمه.
وأثبت بوتفليقة كفاءة في تعزيز سلطاته.
وذكرت مصادر أمنية أنه قام عام 2016 بحل إدارة المخابرات العسكرية التي كانت قائمة منذ فترة طويلة وأنشأ وكالة خاضعة لسيطرة الرئاسة في خطوة أخرى لإخراج الجيش من السياسة.
وعزل العام الماضي عشرات الضباط العسكريين ليركز السلطة في يد دائرة المقربين منه من غير العسكريين.
لكن بوتفليقة لم يعد قادرا على تحمل استعداء قادة الجيش الذين سبق أن تدخلوا في السياسة في اللحظات الحاسمة، ومنها في مطلع التسعينات.
وألغى الجيش حينها انتخابات كان حزب إسلامي بصدد الفوز بها، مما تسبب في حرب أهلية دامت عشر سنوات وقتل فيها نحو 200 ألف شخص.
ولعب الإسلاميون دورا محتملا في أي حكومة مستقبلية من القضايا التي قد تقسم المواطنين وتستفز الجيش.
فعلى مدار سنوات سرت شائعات بشأن خلفاء محتملين لبوتفليقة دون أن يظهر أي شخص يمكن الوثوق فيه والتعويل عليه يحظى بمساندة الجيش والنخبة وليس في السبعينات أو الثمانينات من العمر.
وعاد بوتفليقة إلى اتباع سياسة أتت بثمارها مع المعارضة فيما مضى، وهي شراء الوقت للبحث عن فرص لإحداث انقسامات ومن ثم الاستمرار في الحكم.
لكن من غير المرجح أن يفلح ذلك المسعى حاليا مع انصراف كثير من الحلفاء عن دعمه. وأشار موقع النهار الإخباري المقرب من بوتفليقة إلى أن الرئيس سيتنحى لدى انتهاء فترته الحالية في 28 أبريل نيسان.
ونجا بوتفليقة من انتفاضات "الربيع العربي" باستخدام موارد بلاده الضخمة من النفط والغاز لزيادة الإنفاق الحكومي واسترضاء الجزائريين الذين كانت لديهم إحباطات مماثلة لتلك التي سادت دولا مجاورة أطاحت بحكامها المستبدين.
وقبل كثير من الجزائريين الحكم الصارم ثمنا للاستقرار بعد صراع مع المسلحين الإسلاميين الذي يُنسب الفضل فيه إنهائه لبوتفليقة.
لكن جيلا جديدا لا يخشى التغيير في حاجة ماسة للوظائف وقدر أكبر من الحريات ويريد أن يكون له رأي في إدارة البلاد.
ونحو 70 في المئة من الجزائريين دون 30 عاما، وأكثر من ربع السكان تحت ذلك السن عاطلون عن العمل.
وأرسل بوتفليقة نائب رئيس الوزراء رمطان لعمامرة في جولة لدول حليفة التماسا لدعم جهوده لنزع فتيل الأزمة.
وقال لعمامرة في برلين إن بوتفليقة سيترك السلطة لرئيس منتخب ديمقراطيا بعد إقرار الدستور الجديد وعقد مؤتمر وطني لتحديد كيفية سير الأمور.