ميليشيات عراقية موالية لطهران تحمي أنشطة الحزب التركي المحظور.
أثار سكوت الجيش العراقي على استفزازات حزب العمال الكردستاني في قضاء سنجار، معقل الإيزيديين في العراق، التساؤلات بشأن الأسباب التي تحول دون تنفيذ رد عملي على تلك الاستفزازات التي طالت نقاط تفتيش عدة للجيش.
لكن ساسة عراقيين يقولون إن الإجابة على هذا السؤال ربما متوفرة في طهران فقط، وسط تقارير تؤكد أن الحزب التركي المحظور يتحرك بدعم من ميليشيات عراقية موالية لطهران في المنطقة.
وتصنف تركيا حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، ويخوض جيشها نزاعا مسلحا ضده يعود إلى منتصف الثمانينات من القرن الماضي.
وخلال الأيام القليلة الماضية اعتدت قوات الحزب المحظور في تركيا على نقاط تفتيش للجيش العراقي، وقتلت وجرحت عددا من أفراده، فيما قابلت المؤسسة العسكرية هذه التطورات ببرود.
وقالت مصادر سياسية في بغداد لـ”العرب” إن “حزب العمال الكردستاني يصعد ضد الحكومة العراقية، التي تخطط لإعادة بسط نفوذها العسكري على قضاء سنجار”.
ومنذ استعادة القضاء من تنظيم داعش في ديسمبر من العام 2015 تتنازع العديد من الأطراف المسلحة من أجل السيطرة عليه، وهي القوات العراقية النظامية، وقوات الحشد الشعبي، وقوات البيشمركة الكردية، وخليط من المقاتلين الأكراد الأتراك والسوريين، ضمن ما يعرف بقوات حماية سنجار الخاضعة لسيطرة حزب العمال الكردستاني.
وبدأت التوترات في سنجار بالتزامن مع اقتراب قوات سوريا الديمقراطية من حسم معارك منطقة الباغوز ضد تنظيم داعش في الشرق السوري.
ويقول خبراء إن الخطوة القادمة تتعلق بتوسيع مساحة الانتشار العسكري العراقي على طول الشريط الحدودي مع سوريا، الذي يمر بنينوى حيث يقع قضاء سنجار، وصولا إلى الأنبار حيث قضاء القائم، القريب من نقطة الباغوز التي تشهد آخر المعارك ضد تنظيم داعش.
ويضيف الخبراء أن ضبط الحدود العراقية السورية، بعد تحجيم خطر داعش، هو مطلب تدعمه الولايات المتحدة بشدة، بشرط أن تكون القوات الماسكة للأرض نظامية، وليست عبارة عن ميليشيات على غرار قوات سوريا الديمقراطية أو حزب العمال الكردستاني أو حتى الحشد الشعبي العراقي.
ويحظى هذا التوجه بدعم تركي كبير بالنظر لدوره المفترض في تقليص نفوذ الجماعات المناهضة لأنقرة على جانبي الحدود.
ومطلع الأسبوع، منعت قوات الجيش العراقي مقاتلين ينتمون إلى قوات حماية سنجار من التنقل عبر حدود العراق مع سوريا، ما استدعى تدخل زملائهم ضد نقاط التفتيش العراقية.
وتشير المعلومات غير الرسمية إلى أن العمال الكردستاني يعتمد على تأييد فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران، تنشط ضمن قوات الحشد الشعبي، تركت للحزب المحظور في تركيا سلطة العمل داخل سنجار.
وتقول مصادر مطلعة إن الاتحاد الوطني الكردستاني يدعم خطط الحشد الشعبي في تعضيد وجود قوات حزب العمال الكردستاني في سنجار، وهو ما يواجه معارضة من أنقرة والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني.
وعلى خلفية هذه التطورات، توجه نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس إلى المنطقة لاحتواء التداعيات، لكن مكتبه نفى أن تكون للزيارة صلة بأزمة سنجار.
وتقول المصادر إن المهندس يحاول النأي بنفسه بعيدا عن هذا الملف، الذي يشكل مصدر استفزاز لقطاع واسع من العراقيين، فضلا عن تسببه في إثارة توتر مستمر مع تركيا.
وصدرت عن السفير التركي في بغداد، فاتح يلدز، تعليقات حادة في هذا الشأن. وبعد أن دعا بالرحمة لـ”منتسبي القوات الأمنية العراقية ممن استشهدوا قرب سنجار”، أعلن يلدز أن بلاده “تقف بقوة إلى جانب العراق في محاربته للإرهاب”.
وقال السفير التركي، إن “منظمة بي.بي.كا الإرهابية (وهو الاختصار الشائع لحزب العمال الكردستاني)، بجميع مسمياتها، تشكل تهديدا لجميع دول المنطقة”، داعيا إلى التعامل مع جميع حلفاء العمال الكردستاني في سنجار بصفتهم منظمات “إرهابية”.
وحاولت الحكومة العراقية الإمساك بزمام التطورات في سنجار، إذ أرسل رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي وفدا عسكريا رفيعا إلى المنطقة ضم رئيس أركان الجيش عثمان الغانمي، والضابط البارز في قيادة العمليات المشتركة عبدالأمير يارالله وقائد القوات البرية العراقية.
وتقول مصادر ميدانية إن بغداد تركز في هذه المرحلة على إنهاء وضع الاشتباك المسلح بين الجيش العراقي وقوات حزب العمال الكردستاني، لكنها ستواجه اعتراضا إيرانيا شديدا في حال قررت إنهاء وجود مقاتلي الحزب في سنجار، تمهيدا لتطبيق استراتيجيتها المتعلقة بمسك الشريط الحدودي الطويل مع سوريا.
وفيما تحاول أنقرة التأكيد على أن طهران تشترك معها في عمليات ضد الحزب المحظور، فإن طهران تلازم الصمت، بل وسربت تصريحات تنفي علمها بوجود عملية مشتركة، ما يعني تقاطعا في المصالح بشأن دور الحزب في سنجار، خاصة مع تزايد الحديث عن تمركز القوات الأميركية في مناطق نفوذ الأكراد بعد قرار الانسحاب من سوريا.
قالت وزارة الداخلية التركية، الأربعاء، إن قادة عسكريين في تركيا وإيران اتفقوا في مكالمة هاتفية على مواصلة العمليات المشتركة ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني المحظور “لبعض الوقت”.
وأضافت في بيان لها أن قائد قوات الأمن التركية، عارف جيتين، وقائد قوات حرس الحدود الإيرانية، قاسم رضائي، بحثا العمليات المشتركة.