بينما يتسابق المسؤولون اللبنانيون على المواقف الداعية للتقشف ومكافحة الفساد ورفض الهدر، جاء جدول أعمال جلسة الحكومة التي ستعقد اليوم (الخميس) متضمنا 17 بندا من أصل 54 حول طلب سفر للمشاركة في مؤتمر أو ندوة أو معرض، وطلبات لوزراء أو موظفين من الفئة الأولى أو أساتذة جامعيين.
وكانت اعتمادات السفر والمؤتمرات الخارجية قد وصلت عام 2017 إلى 26.4 مليار ليرة لبنانية (نحو 17 مليون دولار أميركي)، بحسب «الدولية للمعلومات»، فيما اكتفت مصادر رئاسة الجمهورية بالتأكيد لـ«الشرق الأوسط» أن الوضع لن يبقى على ما كان عليه في السابق والرئيس ميشال عون ماض في تعليماته التي سبق أن تحدث عنها في جلسة مجلس الوزراء وبالاتفاق مع رئيس الحكومة سعد الحريري، لجهة مطالبة الوزراء بخفض عدد طلبات السفر لهم أو لموظفين في وزاراتهم وحصرها بالضروري جداً، وأوصى بتكليف السفراء اللبنانيين في الخارج حضور المؤتمرات للتخفيف من التكاليف على الخزينة.
ويتم عادة سفر الوفود بعد موافقة مجلس الوزراء على الاعتمادات المطلوبة لتغطية النفقات المختلفة من كلفة الطائرة (للرؤساء) أو بطاقات السفر، وبدلات الانتقال والفنادق والسيارات وغيرها، وهو ما يفترض بحثه على طاولة الحكومة اليوم بشأن الـ17 بندا المدرجة في جدول الأعمال.
وتؤكد مصادر مطلعة أن إدراج هذه البنود لا يعني الموافقة عليها، خاصة في ظل القرار المتخذ من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بخفض الإنفاق، وتشير لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هناك سبعة بنود من أصل الـ17 المدرجة في جلسة اليوم تندرج تحت خانة التسوية، أي سبق أن قامت الوفود بها، فيما سيتم بحث العشرة الأخرى واتخاذ القرار المناسب بشأنها». وتوضح أن «الأولوية لتكليف البعثات الدبلوماسية في الخارج لتمثيل لبنان وحضور المؤتمرات، أما إذا كانت الاجتماعات متخصصة وقد يكون السفير غير ملم بها فلا بد عندها من مشاركة خبراء ومتخصصين من بيروت» على غرار اجتماع مجلس محافظي الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي في الكويت، حيث يتم توزيع المساعدات والقروض، وهذا هو المدرج ضمن بنود جلسة اليوم، مضيفة: «حتى في حالة الموافقة فهذا لا يعني ترك حرية اختيار عدد أعضاء الوفد للوزير كما كان في السابق، إذ بات عليه تحديد العدد في وقت سابق تحت عنوان أساسي هو الاختصار».
مع العلم، أن وزيري «الحزب التقدمي الاشتراكي» وائل أبو فاعور وأكرم شهيب قاما بخطوة متقدمة في هذا الإطار، بإصدارهما قرارا بمنع سفر الموظفين في وزارتيهما، وفي كل الإدارات التابعة لهما إلى الخارج على حساب الخزينة، وتكليف البعثات الدبلوماسية اللّبنانية في الخارج بهذا الدور باستثناء الحالات التي تطلب التوقيع على اتفاقيات تعود بالفائدة على الوزارة وبعد عرض الموضوع على الوزير.
ويصب القراران وفق بيانٍ مشترك لشهيب وأبو فاعور في إطار «سياسة التقشف ووقف الهدر في الإنفاق والمحافظة على المال العام التي قرّر الحزب التقدمي الاشتراكي المضي بها عبر وزيريه في الحكومة، وفي إطار التجاوب مع توجهات الرأي العام المتذمر والرافض لسفر المسؤولين والموظفين الحكوميين على حساب الخزينة، في ظلّ الأزمة الاقتصادية الخانقة والعجز الكبير في الموازنة والظروف المعيشية الضاغطة على غالبية اللبنانيين».
ووفق «الدولية للمعلومات» كان قد رُصد في موازنة عام 2017 اعتمادات بقيمة 15.5 مليار ليرة للنقل والانتقال وكذلك للوقود والمؤتمرات في الخارج، مشيرة إلى أنه، نظراً لكثرة حالات السفر ونفاد الاعتمادات الأساسية، قد تم نقل اعتمادات إضافية من احتياط الموازنة إلى الوزارات المعينة لتغطية هذه النفقات الإضافية التي بلغت 10.8 مليار ليرة، وتبين أن الرئاسات الثلاث استحوذت على مبلغ 9.787 مليار ليرة أي ما يشكل 37 في المائة من إجمالي هذه النفقات.