أولاً: الحراك الشعبي السلمي...
يُثبت الشعب الجزائري يوماً بعد يوم عظمتهُ وتفانيه في خدمة بلده، ففي حين كانت السلطة العسكرية "المُطعّمة" مدنيّاً تحاول فرض هيمنتها على البلاد، عبر فرض ولاية خامسة للرئيس عبدالعزيز بو تفليقة، والذي بلغ من العمر عِتيّا، وأقعده المرض مع إعاقة عقلية بالإضافة للاعاقة الجسدية، وفي حين كان الشعب الجزائري صامتاً وصابراً بانتظار ما ستُقرّره هذه الطّغمة الحاكمة لمصيره خلال الحقبة الرئاسية القادمة، وإذ يتفاجأ الجزائريّون مع العالم أجمع بمحاولة فرض ترشيح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، عندها خرج الشعب الجزائري إلى الشارع رافضاً مصادرة إرادته وفرض "رئيس صُوري" عاجز، لتنفرد في حكم البلاد سلطة غير مسؤولة دستورياً وقانونيّاً، إلاّ أنّها اضطرت للتّراجع وسحب ترشيح رئيس الجمهورية الحالي بوتفليقة، مع ترك الأزمة السياسية والدستورية مفتوحة على كافة المستويات، فقد عملت المجموعات الحاكمة إلى إلغاء العملية الانتخابية لرئيس جمهورية جديد، ممّا أفضى إلى تمديد ولاية الرئيس بوتفليقة، وإلى اجلٍ غير مُسمّى أو غير منظور، لذا، جدّد الشعب الجزائري بكافة فئاته وقطاعاته رفض هذا التمديد المّقنّع، والإصرار على إجراء انتخابات حُرّة وديمقراطية، وإنهاء أيّة هيمنة عسكرية "مُقنّنة".
إقرأ أيضًا: السيد نصرالله .. ألن تُسأل يوم القيامة عن احتضان باسيل؟
ثانياً: بادرة طيّبة.. غياب القمع السلطوي.
لعلّ أهمّ ما سجّلته أحداث الجزائر العظيمة من ظواهر إيجابية في المحيط العربي والإسلامي هي الانضباط الرائع للجماهير الشعبية ومحافظتها على الأملاك العامة والخاصة، والامتناع عن الشّغب والتّخريب، وبالمقابل يُسجّل للسلطة العسكرية-المدنية محافظتها على السلم الأهلي، وعدم اللجوء للقمع والاعتقالات وإراقة الدماء، بخلاف ما ساد في البلاد العربية، مشرقا ومغربها في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا والعراق، كذلك في البلاد الإسلامية في إيران وتركيا، حيث طغى القتل والاعتقالات والتهجير، وفرض سلطات عسكرية مُموّهة مدنيّاً، بخلاف إرادة الشعوب والأمم مع المغامرة والمراهنة على مصائرها وتاريخها وتقدُّمها.
قال الشاعر:
وقد يُهلك الإنسانَ كثرةُ ماله
كما يُذبحُ الطاووس من أجل ريشهِ.