يشهد التاريخ الحديث للسياسة اللبنانية تبدل واضح للتحالفات على مرور الحكومات المتعاقبة كما يؤكد ثوابت تمثلت بوجود وجوه معارضة لكل تلك الحكومات في المجلس النيابي اللبناني وصولاً الى مرحلة الاصطفافات السياسية المعقدة التي تشكلت ما بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فهذه الفترة حولت المشهد من معارضة بوجه رموز الحكم الى معارضة داخل اركان الحكم فتلاشى المطلب الاقتصادي الاجتماعي التي كانت تطالب به بعض صقور المجلس النيابي آنذاك وانقسم البلد الى فريقين يتنافسان على السياسة الخارجية والداخلية للبلد من دون ادنى تطرق الى هموم المواطن.
النائب السابق نجاح واكيم كان من ابرز الوجوه المعارضة حتى قبل دخوله الندوة البرلمانية ، فهذا الشاب كان قد سجن لمجرد انتقاده رئيس الجمهورية آنذاك سليمان فرنجية ثم فاز في انتخابات ١٩٧٢ وكان النائبالاصغر سناً في ذلك الوقت، وكان لواكيم صولات وجولات في معارضته الواضحة للسياسة الاقتصادية للرئيس الحريري الاب ، وبعد خوضه غمار انتخابات ١٩٩٢ و٩٦ قاطع سنة ٢٠٠٠ بسبب القانون الانتخابي وقتذاك لكنه عاد وخاض المعركة الانتخابية ٢٠٠٥ بالرغم من تحالف حزب الله المستقبل ففشل وفشلت معه فكرة المعارضة الاقتصادية والاجتماعية للحومات من داخل البرلمان.
اتت بولا يعقوبيان اليوم وبعد ١٤ عاماً لتحل ضيفة على البرلمان اللبناني بصفة نائب مستقل من خارج لوائح السلطة بالرغم من ولادتها من رحم تيار المستقبل ،نجد ان تلك الولادة كانت من الخاصرة فحتى فريق الرئيس الحريري لم يعد يتقبلها لكونها صريحة في تعاطيها مع الواقع المرير للازمات المستجدة فهي تعتبر نفسها معنية بمواكبة جميع تحركات المجتمع المدني ومعنية ايضاً بالمطالب المحقة لمن اصطفاها بين معظم المرشحين واوصلها سدة المجلس النيابي ضاربة عرض الحائط كل الاصطفافات المحلية فاصبحت في التحليل الاولي للاحداث عدوةً لجميع الافرقاء.
ارست النائب الشابة الشعور لدى معظم اللبانيين بالامل ، أمل وجود طريق جديد لمواجهة التسلط السلطوي الحاكم بعد سنين عجاف من اليأس المسيطر على العقول.
تطرح يعقوبيان اليوم ملفات محاربة الفساد وتواجه تحديات كبيرة لانها تقف في وجه حيتان المال والسياسة.
فهل تنجح في مقاربتها تلك وتحيي بهذا النجاح مفهوم المحاسبة المعتمد في معظم الدول المتطورة ام ان العهود تمضي والفساد نحو الازدياد؟