في وقت يتساءل فيه كثير من المعلّقين الإسرائيليين عما إذا كانت مخابرات إيران معنية ببقاء حكم بنيامين نتنياهو أم معنية بإسقاطه واستبدال رئيس «حزب الجنرالات» به، يستمر وضع قضية «الاختراق الإيراني هاتف غانتس» موضوعاً أساسياً في المعركة الانتخابية في الأيام الأخيرة، ومن حولها تدور «هجمات متبادلة ذات طابع شرس وأخلاقيات متدنية، وتسود فيها الشعبوية والأضاليل».
ومع أن الخبراء يؤكدون أن المخابرات الإيرانية قد اخترقت مؤخراً هاتف أحد الوزراء الحاليين في الحكومة الإسرائيلية، التي يقودها نتنياهو اليوم، وأن مخابرات أخرى اخترقت مئات الهواتف لشخصيات سياسية في إسرائيل خلال السنوات الأخيرة، فقد تصرف نتنياهو ورفاقه كما لو أن اختراق هاتف غانتس هو الحادث الوحيد.
وكان الموضوع قد طغى على المعركة الانتخابية، منذ مساء الخميس الماضي، عندما قام صحافي يميني متطرف بتسريب نبأ من الأجهزة الأمنية قال فيه إن المخابرات الإسرائيلية التقت بيني غانتس؛ المنافس الأكبر على رئاسة الحكومة، في مواجهة نتنياهو، وأبلغته بأن المخابرات الإيرانية تمكنت من اختراق هاتفه الجوال وأنها حصلت منه على معلومات حساسة يمكن أن تستخدم لابتزازه، ولذلك فإنه في حال انتخابه لمنصب رفيع في الحكومة المقبلة فقد يجد نفسه في تحقيق وتصادم مع القانون. وفي الحال بدأت تسري إشاعات تقول إن المعلومات التي وجدت في هاتف غانتس تكشف عن علاقات مع امرأة خارج الزواج، وأن الأمر أحدث أزمة بين غانتس وزوجته. وراح رجال اليمين المتطرف يعبرون عن «القلق من أن يتعرض غانتس إلى الابتزاز من إيران بسبب ذلك»، فيما رد رجال غانتس بتوجيه الاتهام إلى نتنياهو شخصياً بأنه يقف وراء «تسريب معلومات أمنية بغرض ضرب منافسه وخدمة مصالحه الشخصية والحزبية». وراح مؤيدو غانتس يكتبون أن إيران تساعد نتنياهو في المعركة الانتخابية، عن طريق التجسس على غانتس.
وقد واصل نتنياهو توظيف هذا الموضوع في دعايته الانتخابية، قائلاً إن تصرفات غانتس الشخصية الشاذة يمكن أن تستغل لابتزازه. وفي الوقت نفسه ادعى أن غانتس وحليفه يائير لبيد «يتمتّعان بدعم النظام الإيراني».
ومع أن رفاق غانتس في «حزب الجنرالات» وتحالف «كحول لفان»، أبدوا تذمراً وغضباً من غانتس لأنه لم يخبرهم بأن المخابرات جاءت إليه وحذرته من اختراق هاتفه، فقد وقفوا إلى جانبه في هذه المعركة، التي تحولت إلى أزمة شخصية شديدة تؤثر بوضوح على تصرفات غانتس ومعنوياته وشخصيته، حيث إنه يبدو عصبياً في الأيام الأخيرة بشكل لافت. وقال حليفه، وزير الأمن الأسبق والمرشّح الثالث في قائمته الانتخابية، موشيه يعلون، في تلميح صريح إلى نتنياهو، إن «جهات إسرائيلية محلية هي التي تقف ليس فقط وراء التسريب؛ بل أيضاً وراء الاختراق». وقال لبيد إن نتنياهو يشعر بالخطر على كرسيه ولذلك يلجأ إلى «أقذر الأساليب المافيوية لتحطيم غانتس».
وكتب نتنياهو على «تويتر» تغريدة رد فيها فقال: «أكاذيب يائير لبيد، المرشح لنصف ولاية لرئاسة الحكومة، لن تساعد. لقد أكد الشاباك أن رئيس الحكومة لم يكن يعرف شيئاً عن غانتس. إنّها محاولة لتشويه حقيقة أن النظام في إيران يدعم لبيد وغانتس بشكل علني، فهما ممن أيّدوا الاتفاق النووي مع إيران، الذي أدار (نتنياهو) ضده حملة دولية ناجحة». واستخدم نتنياهو مقطع فيديو، يبدو أن الإعلام الإيراني قد بثه في الماضي، يقول إن «غانتس بديل». ونفى نتنياهو، في بيان صادر عن مكتبه، أي علم بالموضوع مسبقاً، وقال إن «جهاز الأمن العام (الشاباك) لم يبلغني باختراق المخابرات الإيرانية هاتف غانتس، ولم أسمع به إلا عندما بثه الصحافي عميت سيغال، في التلفزيون». ثم راح يحذر من خطورة مثل هذا الاختراق في قضايا الابتزاز السياسي.
من جانبه، قال غانتس إن «نشر الإنجاز الإيراني كان قصة سياسية مهلوسة تماماً». وأوضح: «لم أتعرض لأي تهديد أمني، ولا توجد مواد أمنية هناك، ولم أتعرض للابتزاز تحت أي ظرف من الظروف». واتهم غانتس المجموعة التي تروج لاختراق هاتفه بمحاولة صرف انتباه الرأي العام عن الوضع في الحدود الجنوبية مع غزة، وقال: «ألعب مع أناس تعدّ قواعدهم الأخلاقية هي الأدنى».
وكتب يوعاز هندل؛ أحد قادة حزب غانتس، وهو السكرتير السابق لحكومة نتنياهو، أن «أخذ المواد الأمنية من الهجمات الإلكترونية الإيرانية واستخدامها ضد منافس سياسي، تجاوز لكل الخطوط الحمر، وأخطر من التسريبات السرية حول عملية (الجرف الصامد)، وأخطر أيضاً من ركض نتنياهو إلى الاستوديوهات بعد مهاجمة المفاعل في سوريا (سنة 2007، عندما كان رئيساً للمعارضة)».