اشار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى ان "عودة النازحين السوريين لن تتحقق طالما ان النظام السوري يرفض العودة".
واعتبر في حديث لـ"الانباء" على هامش المؤتمر الذي عقده الحزب بعنوان "لبنان والنازحون من سوريا: الحقوق والهواجس وديبلوماسية العودة"، في فندق "راديسون بلو" في فردان، بحضور وزير الشؤون الاجتماعية ريشارد قيوميجيان، وزير التربية والتعليم العالي اكرم شهيب، ممثلة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ميراي جيرار وحشد من الشخصيات ان "هناك خوف لدى هؤلاء"، سائلا "من سيؤمن العودة الآمنة لهم كي لا يعودوا ويُعذيوا ويُقتلوا".
واضاف "نؤيد المبادرة الروسية ولكن عليها ان تعطي ضمانات".
تابع جنبلاط: "نتمنى ان يبقى هذا الملف بعيداً عن الوزارات المعنية كي يؤمَن الحد الادنى لهم من العيش الكريم في التعليم وغير التعليم".
وبعد كلمة تعريف للاعلامية غادة غانم العريضي، تحدّث وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيوميجيان في مؤتمر "التقدمي" حول النازحين، فقال:
أتوجه الى الرئيس وليد جنبلاط هناك أحداث تحصل معنا في الحياة فنحتفظ بها لانفسنا الى ان يأتي الوقت المناسب لنبوح بها. ففي عز الحرب لم أخفِ اعجابي بكمال جنبلاط وان اختلفت معه سياسيا انا الذي ترعرعت في منزل كان نموذجا في الانتماء الحزب اليميني الكسليكي الانعزالي وفق التعريف الجنبلاطي آنذاك، القصّة أن والدي ضبطني بالجرم المشهود وأنا أقرأ لكمال جنبلاط! وما زاد الطين بلّة انه وجد بين كتبي كتاب لكارل ماركس وآخر عن السيرة الذاتية وفكر أنطون سعاجة.
وأضاف: انا فخور اليوم ان اقف هنا على منبر الحزب التقدمي الاشتراكي وقد يكون والدي انصفني اخيرا من عليائه ولكن الاهم اننا جميعا انصفنا كمال جنبلاط وها هي صورته ترفعفي كل لبنان الى جانب كل شهداء ثورة الارز. قائلاً: ها هو النظام الذي قتل كمال جنبلاط واللبنانيين، يقتل الالاف من شعبه ويشرّد ويهجّر أكثر من عشرة ملايين نازح داخل سوريا وخارجها.
وتابع قيوميجيان: نعم ذهبنا الى بروكسل وطالبنا بمزيد من الدعم للبنان وللدولة اللبنانية لنتمكن من ملاقاة أزمة متأتية من وجود حوالي مليون ونصف نازح على أرضها. وهذا التمويل كان قائما منذ ثماني سنوات حتى عندما لم نكن مشاركين كحزب القوات اللبنانية في الحكومة، بل على العكس حصل هذا التمويل وحصلت مؤتمرات بروكسل السابقة بموافقة حكومات شاركتم بها بعشرات الوزراء فلماذا المزايدة الرخيصة اليوم.
وأردف: لنفترض أننا لكم نأتِ باي تمويل وتركنا الغرب بشأننا، فماذا أنتم فاعلون للتخفيف عن لبنان اعباء النازحين ودعم مجتمعاته المضيفة. نعم ذهبنا الى بروكسل وطالبنا بعودة النازحين الى ديارهم مع اعلى المسؤولين الدوليين وطرحنا معهم سبل العودة والخطوات الواجبة لتحقيقها هذه العودة التي باتت اليوم في سلم اولويات الغرب ولكن ماذا فعلتم انتم غير المزايدة والشعبوية واستغلال عوز اللبنانيين والبطالة واللعب على الغرائز الطائفية؟
وتابع: تريدون عودة النازحين؟ ونحن نريدها ففعلوا مبادرة حزب الله التي لم تأت بأي نتائج بعد وستبين ان التغيير الديمغرافي قائم على قدم وساق في القصير والقلمون وكل غرب القلمون. تريدون عودة النازحين؟ فعّلوا مبادرة الأمن العام اللبناني وعند لوائحه الخبر اليقين عن اسلوب النظام في انتقاء نسبة عائدين صغيرة لا تتعدى العشرين بالمئة ممن يقبل بعودتهم.
تريدون عودة النازحين؟ تحركوا باتجاه المجتمع الدولي كما فعلنا نحن ، واضغطوا على روسيا لتفعّل مبادرتها وهي الأولى بالضغط على نظام مدين لها بالبقاء، واضغطوا على صديقكم وحليفكم بشار وللبعض ولي أمركم بشّار، وليبدي حسن النية وليدعو النازحين السوريين للعودة إلى ارضهم دون شروط وإجراءات وعوائق وقوانين تسرق الممتلكات والأراضي منهم.
وختم: كل الكلام حول عودة النازحين والتهديد بفرط الحكومة وكل التطبيل والتزمير وإعلاء السقوف لا يلغي حقيقة ساطعة يعرفها حلفاء النظام قبل أخصامه، وهي أن سروط العودة موجودة في سوريا وليس في لبنان. فالظروف الافضل في سوريا تعني الشروط الافضل للعودة، وهذه الشروط ليست عند الحكومة اللبنانية ولا عند الأمم المتحدة أو الاتحاد الاوروبي بل عند النظام السوري الذي لا يريد عودة النازحين، فلا تدعوه يأخذ منكم تطبيعاً يتيماً ليعطيكم بالمقابل عودةً زائفة، أو حتى لا عودة.
بدورها، اشارت ممثلة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ميراي جيرار الى ان "من دواعي سروري ان اشارك في هذا المؤتمر المهم الذي ينعقد في الوقت المناسب".
واضافت "لا يزال الوضع هشا في لبنان رغم انه حصل على الكثير من التمويل لكنه لم يكن كافيا لتقليص المساعدات المتزايدة وهناك الكثير قد تم انجازه فتمكنا من تأمين الغذاء والخدمات الصحية والتعليمية".
وتابعت "الاستجابة للازمة السورية في هذه المنطقة قد كانت مصدر الهام وبات واضحا ان هذا العدد الكبير من النازحين مسؤولية لا تقع على عاتق الدولة المضيفة فقط، ويجب ان نستعد جيدا للتحديات الآتية وما قدمه مؤتمر بروكسل يؤكد اننا لن نتخلى عن الدول المضيفة وقد بدأنا بتطبيق توصيات مؤتمر سيدر والبنك الدولي".
واكدت ان "الجهات المانحة ستستمر بالدعم لتخفيف اعباء النازحين عن الدول المضيفة ".
ولفتت الى ان "20 في المئة من النازحين في مخيمات في مناطق ريفية وربما ليس كل النازحين يحترمون شروط البيئة ونحن نحتاج الى المزيد من اجل تخفيف التوتر"، مضيفة "يجب العمل على تحسين جمع النفايات الصلبة وهناك نوفر بيئة افضل للجميع ولكن هناك مشاكل اخرى ومن المهم ان نحدد الاسباب خلف كل مشكلة".
وتابعت "يجب ان نقوم بتحليل موضوعي مشترك لكي ننجح والمساعدة الانسانية سوف تستمر في دعمها للقاعات المختلفة ولكن هل هذا الدعم سوف يجعل النازحين يبقون اكثر؟ ولكن وفق الاحصاءات فإن معظمهم يريدون العودة".
وقالت "عملية اعادة البناء قد لا تكون كافية لجذب النازجين للعودة ولذلك نعمل على تحديد الاسباب التي تساعدهم على العودة".
واشارت الى ان "وصول المساعدات الى النازحين تشكل عنصرا من عناصر الثقة التي تساعد النازحين على العودة ويجب تأمين الكرامة لهؤلاء والعيش السلمي".
وختمت "يجب ان نبذل قصارى جهدنا لكي نقوم بتقديم استجابة جدية وعقلانية ومبنية على الوقائع وتكون ناجحة".
ثمّ تحدّث عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب أكرم سهيب باسم رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط فقال: منذ أن انطلق الشعب السوري الشقيق في انتفاضته السلمية للمطالبة بالعيش بحرية وكرامة، والحرب عليه مستمرة، مستمرة من النظام نفسه الذي ارتكب بحقه افظع المجازر، أضيفت إليها التنظيمات الارهابية التي استولدها النظام واستخدمها بمواجهة صوت الشعب الذي نادى بقليل من الحرية والديموقراطية، فالرد كان: قمعاً، سجناً وتهجيراً، وفي أغلب الأحيان قتلاً وتنكيلاً.
وأضاف: منذ اليوم الأول رفعنا الصوت عالياً منددين بما يتعرض له هذ الشعب المكافح والمناضل، وأعلنا عن وقوفنا إلى جانبه سلمياً لدعمه، وعملنا ولا زلنا نعمل على توفير أفضل سبل العيش الكريم لمن تهجّر منه إلى لبنان، رغم الضائقة الكبيرة التي نمرّ بها، مؤكداً على ثوابت ثلاث هي :
1. الدستور اللبناني واضح لجهة رفض التوطين وكل أشكاله.
2. كل القوى السياسية اللبنانية ترفض التوطين وتجمع من دون تردّد على حق العودة الآمنة.
3. نؤمن بأن حق الشعب السوري بالعودة إلى أرضه وملكيته حق مقدس للحفاظ على النسيج الاجتماعي ووحدة الأرض السورية.
وأضاف: منذ نشوب النزاع في سوريا، اعتقل النظام عشرات وأخفى الآلاف من السوريين الابريا،ء وهذه الاعتقالات وأعمالُ التعذيب والقتل مستمرة حتّى يومنا هذا، ولتأكيد رفضه لعودة من نزحوا أكانوا في الداخل أم إلى الخارج، أصدر النظام قوانين وأنظمة تؤكّد نظرته في رفض العودة. إن مستقبل اللاجئين السوريين ليس في لبنان، بل في سوريا. الكل متفق على ذلك، لكن المشكلة ليست فقط في إعادة الاعمار والبنى التحتية، ولا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي، بل العائق الرئيس هو مناخ الخوف والظلم في سوريا. معلناً انه "بعد مصادرة الأراضي، وقوانين التجنيد الاجباري، والنظام القضائي الحزبي، تشير الاستطلاعات إلى أن 5% فقط من النازحين ينوون العودة إلى سوريا خلال العام المقبل. إنها مأساة الشعب السوري ... تعب الموت ولم يتعبوا. أما آن لهذا الشعب أن يستريح وينعم بعودة آمنة ومستقرة.
وأكّد شهيّب أن "تعليم اولاد النازحين من وجهة نظرنا، واجب انساني اجتماعي يصب في مصلحة لبنان والنازحين على السواء. فبالتعليم نعزز ثقافة الحوار وقيم الاعتراف بالاخر. ونساهم في منع الشباب من الإنغماس في التطرف والعنف، ونجمع النازحين حول القيم الانسانية والعمل التنموي الذي سيساهم بلا شك في المستقبل ببناء سوريا ديموقراطية تعددية بعيدة عن حكم الحزب الواحد.
وقال: أمام هذا الواقع، وما لمسناه من خلال اللقاءات التي عقدناها في لبنان وفي بروكسل الذي هو المصدر الوحيد لاعانة دول الجوار ومنها لبنان على تحمل عبء النزوح، إضافة إلى الاستطلاعات بين اللاجئين السوريين في دول النزوح، نجد أن أكثر من 83% من اللاجئين يرغبون في نهاية الأمر بالعودة، لكن 5% منهم فقط يريدون العودة خلال هذه السنة.
"التربية" واللاجئين
وأردف: رسالة وزارة التربية في مؤتمر بروكسل كانت واضحة لناحية حث الدول المانحة على القيام بواجبها في دعم مشروع تأمين التعليم الجيد للأطفال والأولاد السوريين ودعم المدارس اللبنانية الحاضنة، والذي يوفر أعداد التلامذة النازحين في المدارس الرسمية وفي برنامج التعليم غير النظامي الذي يؤهلهم للالتحاق بالتعليم النظامي او دخول التعليم والتدريب المهني والتقني.
هناك 215 ألف طالب سوري يدرسون في لبنان بالتعليم الرسمي، و60 ألف في التعليم الخاص، وهناك برامج خاصة Non formal education للذين لم يلتحقوا حتى الساعة بالمدارس من أجل احتواء كل الأطفال والأولاد الذين هم دون ال 18 سنة من عمرهم.
ان وزارة التربية مستمرة في جهودها لتوفير دعم أكبر من الجهات المانحة، حتى نستمر بتوفير تعليم جيد، لأن المجتمع الحاضن يُستهلك أيضا، كمدارس وإنشاءات ومعلمين، وهناك مواليد بنسبة عالية في لبنان من النازحين السوريين، وهم يحتاجون إلى الاحتضان والتعليم.
تشير أرقام مفوضية اللاجئين إلى تسجيل 175 ألف ولادة بين النازحين خلال السنوات الأخيرة، وعلى افتراض أن 30% منهم وصلوا إلى سن التعليم، فهذا يرتب أعباء إضافية على وزارة التربية وهذه النسبة ستتكرر سنوياً خلال أعوام النزوح.
ولفت شهيّب إلى أن "هناك أطفال وأولاد يعانون من أوضاع نفسية نتيجة تفكك أسرهم، أو فقدان أحد أفرادها، فهم لذلك بحاجة إلى رعاية خاصة، يضاف إليهم الاهتمام الخاص بالأطفال والأولاد من ذوي الحاجات الخاصة"، وأشار إلى انه "كما تشير أرقام المفوضية العليا للاجئين التي توقفت عن تسجيل أرقام النازحين منذ العام 2015، أن عدد النازحين السوريين الذين هم دون الثامنة عشرة من عمرهم، أي في سن التعليم، يبلغ حوالي 450 ألف نازح، فإذا كان نصف هؤلاء يتابعون تعليمهم، فإن من المقلق هو غياب أي معلومات تتعلق بالنصف الآخر ووجهتهم، فأين البديل؟
وقال شهيّب: إننا نعلن تأييدنا لأي مبادرة جدّية لاعادة آمنة للنازحين اليوم قبل الغد، والمبادرة الوحيدة حتى اليوم هي المبادرة الروسية والتي نؤيدها، بحاجة إلى توفير مزيد من الضمانات التي تقنع النازحين بالعودة على المستوى الأمني والنفسي والقانوني، مضيفاً: طالما أن أزمة النزوح مستمرة، وقرار النظام بمنع العودة قائم ومطبق، آمل أن يبقى ملف التعليم بعيداً عن التجاذبات السياسية اليومية، والعمل على استيعاب أولاد النازحين السوريين من هم خارج التعليم، حماية للبنان اليوم ولسوريا مستقبلا"، خاتماً: ببساطة المشكلة هي النظام السوري وليس في صلاحيات الوزارات في لبنان.