ما هو واقع الحكومة التي لم يمضِ على اقلاعها فعليا اكثر من شهر وهل تتجه الى تفجير نفسها بألغام يعدّها أهل البيت، فيما المطلوب منها وبحسب عنوانها الذي حرص على اطلاقه رئيسها سعد الحريري، العمل والانتاجية لا غير؟ منذ تشكيلها في 31 كانون الثاني 2019، وعلى رغم حرص رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري على النأي بها عن الملفات الخلافية، تسود الجلسات الحكومية التي لم يتجاوز عددها الثلاث بالمناخ السياسي المحتقن الذي سحب فتيله الرئيس عون في الجلسة الثانية عدديا والاولى عمليا من خلال رفعها اثر احتدام كلامي بين الوزراء على خلفية مفهوم النأي بالنفس وكيفية التزامه، على اثر زيارة وزير شؤون النازحين صالح الغريب الى دمشق قبل ان ترسم الحكومة سياستها واستراتيجيتها السياسية في هذا الاطار ومن زيارة سوريا الى محاولات التطبيع معها من زوايا مختلفة لا سيما عبر ملف النازحين، وسط انقسام عمودي بين المكونات الحكومية، في ضوء تمسك كل فريق بوجهة نظره، بين من يرى ضرورة في التواصل مع النظام لاعادة النازحين، ومن لا يرى فائدة ولا رغبة لدى هذا النظام في اعادتهم لتغيير الديموغرافيا السورية في الاتجاه الذي يناسبه .
اما استبعاد الوزير الغريب عن وفد لبنان الى مؤتمر بروكسل بكل ملابساته وما رافقه من اخذ ورد، فيتوقع ان يوضع بكل اوزاره على الطاولة الحكومية في جلستها المتوقعة الاسبوع المقبل بعدما اعلن اكثر من طرف معني ان الموضوع سيثار في الجلسة ولن يتم السكوت عما جرى.
إقرا أيضا: لبنان... ما بعد زيارة بومبيو ليس كما قبلها
كما بدا واضحاً من المواقف التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتي أدلى بها أيضاً وزير الخارجية جبران باسيل والمتعلقة بعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، أن هوّة الخلاف حول هذا الملف بين الرئيس عون وفريقه وبين الرئيس سعد الحريري اتسعت بما يُهدّد التسوية القائمة بين رئيس الجمهورية والحكومة، الأمر الذي يخشى معه في حال لم تترتب الأمور في خلال الأيام القليلة المقبلة على الوضع الحكومي الهش اساساً برمته .فالرئيس عون أعلن صراحة رفضة التام بما طرحه الرئيس الحريري في مؤتمر بروكسل حول ملف عودة النازحين واستند في هذا الطرح على ما تضمنه البيان الوزاري لحكومته وحظي بشبه الإجماع، وقال لدى استقباله أمس رئيس التحالف من أجل السلام الأوروبي روبرتو فيوري على رأس وفد برلماني انه يرفض انتظار الحل السياسي للأزمة السورية، ومعتبراً ان لبنان استضاف هؤلاء النازحين لأسباب إنسانية نتيجة القتال الذي كان دائراً في سوريا والنقص في المواد الغذائية، إلا أن القتال توقف اليوم على نحو شبه كامل، فيما تداعيات النزوح السوري مستمرة منذ ثماني سنوات على مختلف القطاعات الأمنية والاجتماعية والصحية وخصوصاً الاقتصادية لافتاً إلى ان لبنان يصطدم بمواقف بعض الدول التي تقدّم الحل السياسي للأزمة السورية على عودة النازحين، وهذا ما لا نقبل به .
إقرا أيضا: بومبيو في بيروت والهدف إحياء خط هوف
والسؤال الذي بات يطرح نفسه بعد هذه التطورات المتسارعة هو هل يتحمل رئيس الجمهورية نتائج هذه التداعيات على وضع حكومته الأولى ويمضي حتى آخر الطريق في اصراره على تطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد متجاوزاً الموقف الدولي العام من هذا الأمر أم أن ما أعلنه بالأمس، لا يتعدى موقفاً مبدئياً يُمكن المساومة عليه حفاظاً على الاستقرار السياسي الذي بدأ يتبلور بعد تشكيل حكومة عهده الأولى، الجواب على هذا السؤال الكبير ينتظر عودة رئيس الحكومة إلى بيروت ومعه نتائج مؤتمر بروكسل حول أزمة النازحين السوريين وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية على الدول المضيفة وفي مقدمتها الدولة اللبنانية ،وخصوصاً في ظل تهديد رئيس التيار الوطني الحر باسقاط الحكومة على خلفية ملف النازحين ولف الكهرباء ، ازاء هذا الواقع،المطلوب مبادرة جدية من كبار المسؤولين في الدولة توقف الانزلاق نحو تفجير الحكومة والا فالاتي اعظم! وتنشط حالياً الاتصالات من أجل تطويق الخلاف، خصوصا أنه تصاعد قبيل زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في 22 الجاري إلى بيروت، والتي تطرح فيها مسائل حساسة تتطلب موقفا لبنانيا موحدا حيالها، ثم زيارة الرئيس عون إلى موسكو في 25 و26 الجاري.