بعد جدل وطول ردّ صرّح سعد الحريري من قصر الجمهورية بأنه رئيس الحكومة والناطق باسمها مذكراً بالصلاحيات التي منحها له دستور الطائف والتي فقدها عملياً وعلى مراحل نتيجة خلل في التوازنات وذهاب جماعة14 آذار مع الزبد وتقلّص حجم تيّار المستقبل لخلل فيه ولعدم تمكنه من حفظ الارث السياسي ومكتسبات ثورة الأرز ولعدم قدرته على حماية الطائفة ولعدم نضوجه السياسي بما يكفي كيّ يواجه دهاقنة أغرقوه في وحول اللعبة السياسية.
لم يتوقف الرئيس سعد الحريري عند نقطة صمود واحدة وبقيّ متجاوباً مع منطق التنازلات بحيث لم يبق على شيء من الشعارات التي رفعها ضدّ خصومه بل وتجاوب مع شعارات خصومه ودخل معهم في محاصصة ليست لصالحه بقدر ما هي لصالح توجهات لاتمثل توجهاته على الاطلاق.
إقرأ أيضًا: الوزير زار يزور
بدا الرئيس الحريري في هذه الحكومة غير قوي كما كان في حكومات سابقة وتبيّن أن مواقع أخرى أكثر قوّة منه وهذا ما فتح الباب السوري على مصرعيه وكانت جولات وتصريحات وزراء في العلاقة مع سورية سريعة جداً دون الانتظار لموقف حكومي جامع من ملف خلافي وهناك من يتصرف بطريقة طبيعية وغير ناظر أصلاً لمواقف من يختلف مع النظام السوري.
لقد حملت زيارة الرئيس الحريري للعربية السعودية جديداً على صعيد التباينات في وجهات النظر ما بين أطراف الطائفة السنية اذ انها دفعت باتجاه انجاح مبادرة الرئيس السنيورة في جمع الحريري بريفي على خلفية دفن الخلافات وفتح صفحة جديدة مقدمتها دعم مرشحة طرابلس في الانتخابات الفرعية كما انها دفعت بالحريري الى مواجهة الطاعنين برئاسته لجهة الصلاحيات فكان التصريح الأول له بعد الزيارة لقصر رئاسة الجمهورية تأكيداً على قوته الدستورية في صلاحيات لا يمكن أخذها منه مهما كانت الشدائد والظروف صعبة وغير سهلة ومهما كانت التوازنات الداخلية مائلة كل الميل لصالح المحور الذي أبقى النظام السوري واقفاً وان على رجل واحدة.
إقرأ ايضًا: رعد اعتذر وباسيل يعتذر والحريري مسامح
هل يبقى الحريري ثابتاً على نقطة الصلاحيات وانه رئيس الحكومة والناطق باسمها بعد أن نطق باسمها كل على هواه ؟
سؤال تأسر جوابه تجربة مرّة مع الرئيس الحريري كونه ينطلق من خلفية حماية البلد واضطراره الطوعي لمخالفة قناعاته لتسهيل الأمور حفظاً للبنان وحفظاً لعناوين كثيرة و كبيرة مقنعة له ولكنها غير مقنعة لجمهور تيّاره ولا لجمهور الطائفة التي يمثل حصتها السياسية ولا لحلفائه الذين اضطروا الى التخلي عن خياراتهم والانسجام مع تنازلات الحريري لسدّه أبواب الخيارات الأخرى فكان كل من حزبيّ القوّات والتقدمي الاشتراكي على صلة مباشرة بما ذهب اليه تيّار المستقبل من تغيير في أوراق التحالفات.