أثبتت المفاوضات الأميركية الكورية الشمالية أو اللقاءات الفاشلة بين ترامب وأون أن الطرف الامريكي ليس لديه رؤية ناضجة أو مفهوم منطقي للتفاوض وأنه يعتبر الصور التي يلتقطها مع الزعيم الكوري كإنجازات حقيقية للمفاوضات معه، دلك لأن الرئيس ترامب لا يحمل معه أي امتياز ليقدمه إلى الطرف الآخر على طاولة المفاوضات حتى يشعر الآخر هو أيضًا بأنه رابح بالرغم من تقديم تنازلات.
تلك حقيقة بسيطة يعرفها أي مفاوض دبلوماسي في العالم ولكن ما يهم الرئيس الامريكي هو الظهور أمام الكاميرات في قامة المفاوض مع أعداء بلاده ويتعبير آخر هو يريد التفاوض من أجل التفاوض وليس من أجل غايات يتم الوصول إليها عادة عبر إنجازات وتنازلات كما رأينا لدى الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون، فإنه عندما بدء المفاوضات مع الصين لم يطالبها بالتخلي عن سلاحها النووي منذ البداية حيث أنه كان يعرف أن تحقيق هذا الطلب مستحيل ويؤدي إلى هدر الفرصة التاريخية للمفاوضات.
إن ترامب لا يريد الاعتراف بأن كوريا الشمالية تمتلك صواريخ عابرة للقارات قادرة على حمل رؤوس نووية وعدم الاعتراف بتلك الحقيقة سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع واشتداد الأزمة بحال فشل المفاوضات.
إقرأ أيضًا: هل يتوسط العراق بين إيران وأمريكا؟
إن الجولة الثانية من المفاوضات الأميركية الكورية الشمالية باءت بالفشل وليس هناك ما يبعث على الأمل بنجاح تلك المفاوضات بحال استمرار الرئيس ترامب في بخله وتأكيده على اشتراط إيقاف كوريا جميع منشآتها النووية كشرط مسبق لرفع العقوبات عنها.
من هنا نعود إلى طهران لنرى فيما إذا يمكن أن يكون هناك ما يحفز طهران على الدخول في المفاوضات مع أمريكا.
في المقابل، إن طهران تخلت عن معظم أنشطتها النووية وقبلت بالتفتيش الدولي الدقيق على ما تبقى من أنشطتها السلمية تطمينًا للمجتمع الدولي بأنها لن تتجه إلى صنع السلاح النووي ولكن ما حصلت عليه لقاء تلك التنازلات كان ضئيلًا جدًا.
ثم إن الولايات المتحدة بعد انسحابها من الاتفاق النووي تطالب إيران بالمزيد من التنازلات، فهل يعقل أن تنسحب إيران من جميع مواقعها وانجازاتها من دون مقابل؟
إنها تحتمي الآن بصواريخها التي تستطيع فعل الكثير عند حصول أي مواجهة مع أي عدو، فماذا يعوضها عن تلك القوة الدفاعية بحال تخليها عن مشروعها الصاروخي.
إقرأ أيضًا: انتعاش التبادل التجاري بين إيران وأمريكا
من يضمن أن الولايات المتحدة ستكافئ إيران بحال تخليها عن صواريخها الباليستية؟ هل يثق الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الأمريكي ترامب حتى يثق به الرئيس الإيراني؟
ونعيد ونختصر تلك الأسئلة بسؤال واحد وهو كالتالي: من يفاوض إيران وعلى ماذا يفاوضها بحال تخليها عن جميع أوراقها؟
بطبيعة الحال إن الطريقة التي انتهجتها أمريكا ترامب إن باتجاه إيران أو كوريا الشمالية لن تؤدي إلى نتيجة، إنها ستؤدي إلى المزيد من التشدد والتوتر والمواجهة والدمار.
إن الرئيس الديمقراطي الأمريكي السابق كان يكرر دوما مقولته الشهيرة بأن جميع الخيارات تجاه إيران ومنها الهجوم العسكري على الطاولة ولكنه في الوقت نفسه كان لديه خيار مفضل وهو التفاوض وقد نجح في التفاوض مع إيران ولم يحدث مواجهة عسكرية بين أمريكا وإيران ولكن الرئيس ترامب يؤكد دومًا على أنه ليس لديه خيار إسمه ضرب إيران وأنه يريد التفاوض معها وبناء عليه يبدو أن البديل لهذا الخيار ستكون المواجهة العسكرية.
إن هناك صقورا في البيت الأبيض من أمثال جون بولتون وكوشنر يشجعون ترامب على ضرب إيران بعد ما يئسوا عن مفعول العقوبات.