من الواضح أن المغرب ما زالت حتى اليوم حريصة على الملف الصحراوي سواء كان على المستوى الداخلي أو المستوى الخارجي .
وفي السادس من نوفمبر 2005 وبمناسبة الذكرى الثلاثين للمسيرة الخضراء القى العاهل المغربي محمد السادس خطابا تضمن حلا سلميا وعمليا يؤدي الى الطي النهائي لنزاع مرير فرض على المغرب خلال مسيرة استكمال وحدته الترابية وتوجه بخطابه الى الأمة معربا عن اعتزامه اجراء مشاورات حول امكانية منح اقليم الصحراء حكما ذاتيا في ظل السيادة المغربية ، وذلك بصدد تصوراتهم لمشروع اقامة نظام جهوي متقدم، ملائم لخصوصيات هذه المنطقة العزيزة من وطننا.. "
كما دعى العاهل المغربي محمد السادس الى التثبت بالمغربية الصحراوية والى الجهود الدؤوبة لاقرار حل توافقي ونهائي .
على الرغم من أن الدعوة لم تكن مفاجأة للأوساط المغربية السياسية والدولية لكن المراقبون أعتبروه تأكيدا واضحا وصريحا على الاختيار المغربي للحكم الذاتي كحل سياسي.
كما دعى العاهل المغربي محمد السادس الى اجراء حوار واسع بين الأحزاب السياسية المغربية حول امكانية اجراء نظام جهوي متطور في الأقاليم الصحراوية.

وقد جاءت المبادرة المغربية للتفاوض من أجل حكم ذاتي لجهة الصحراء والمتمثلة في منح ساكنة الأقاليم الصحراوية حمكا ذاتيا وجاءت لتأكد تمسك المملكة المغربية بالمواثيق والقرارات الأممية .

أما السؤال الرئيسي الذي يطرح :
 الى أي مدى تتوافق المبادرة المغربية ومبدأ التسوية السلمية للمنازعات الدولية؟
الذي يحمل عدة عناوين :
 أولا : التعريف بفكرة التسوية السلمية للمنازعات الدولية.
ثانيا : الخلفية التاريخية للنزاع في الصحراء .
ثالثا : مشاريع التسوية الأممية لنزاع الصحراء ، ومن ضمنه نذكر : الإستفتاء ، مشروع الحكم الذاتي ، " التقسيم " ـ كحل لمشكلة الصحراء الغربية ....الخ
رابعا : مقترح الحكم الذاتي الموسع ـ الحل الأمثل لمشكلة الصحراء الغربية .

       - 1 الظروف الداخلية التي ساعدت على بلورة المبادرة المغربية 
 ومن أهم الإقترحات الذي يضمه الظروف الداخلية :
 اعتمدت المبادرة المغربية على المستوى الداخلي مقاربة جديدة  تقوم على مبدأ الشراكة والديموقراطية  وذلك من خلال :
أ ـ استشارة السكان الصحراويين المعنيين .
ب ـ مشاركة الأحزاب السياسية .
ج ـ اعتماد مبدأ " الدبلوماسية الشعبية الموازية
.
د ـ " الدبلوماسية البرلمانية.
ه ـ التحرك الشعبي للجاليات المغربية في الخارج.
و ـ الاصلاح السياسي والحقوقي.
       2 ـ قراءة في مضمون المبادرة المغربية للتفاوض بشأن الحكم الذاتي لجهة الصحراء.جاءت المبادرة المغربية للتفاوض بشأن نظام الحكم الذاتي لجهة الصحراء مكونة من ثلاثة محاور  و 35 مادة :
المحور الأول :  تأكيد المغرب التزامه  بالعمل على ايجاد حل سياسي نهائي في تعاون تام مع الأمم المتحدة.
المحور الثاني :   العناصر الأساسية للمقترح المغربي تجسيدا  للمبادئ العامة التي ينص عليها ميثاق هيئة الأمم المتحدة .
وقد اشتمل هذا المحور الى  قسمين :

 القسم الأول : اختصاصات جهة الحكم الذاتي للصحراء .
أكدت المبادرة في نقطتها الحادية عشر على أن مشروع الحكم الذاتي مستلهم من مقترحات الأمم المتحدة ذات الصلة ، ونصت المبادرة في نقطتها الثانية عشر على ان يمارس سكان جهة الحكم الذاتي للصحراء ، داخل الحدود الترابية، وتحدثت المبادرة في نقطتها الثالثة عشر على موارد جهة الحكم الذاتي للصحراء المالية الضرورية لتحقيق تنميتها في كافة المجالات .
القسم الثاني : هيئات جهة الحكم الذاتي .
حددت مبادرة الحكم الذاتي طبيعة الهيئات والمجالس وسلطاتها والمحاكم ومهماتها حيث :
نصت النقطة التاسعة عشر على أن برلمان الحكم الذاتي للصحراء يتكون من أعضاء منتخبين من طرف مختلف القبائل الصحراوية، وتحدث النقطة العشرين أن السلطة التنفيذية في جهة الحكم الذاتي  للصحراء يمارسها رئيس حكومة ينتخبه البرلمان الجهوي وينصبه الملك. كما ذكرت عددت نقاط حددة بها أشياء مهمة جدا تدور أيضا حول الدستور المغربي الى حل سياسي نهائي وكما جاء هذا الحوار مع المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة . وعلى هذه النقط قدمت المملكة أستعدادها استعداد للاسهام الفعال في توفير مناخ من الثقة ، كفيل  بالمساعدة على انجاح هذا المشروع . 

بناءا على ما تقدم ، يمكننا القول بأن المبادرة المغربية للتفاوض من أجل حكم ذاتي في الأقاليم الصحراوية جاءت :

1 ـ   تجسيدا لسياسة العاهل المغربي محمد السادس في دعم الاستقرار السياسي .
2 ـ  تجسيدا لمبادء ميثاق الأمم المتحدة  وخاصة المادة ( 33 ).
3 ـ  تجسيدا للمبادئ العامة التي ينص عليها ميثاق هيئة الأمم المتحدة.

لذلك رأى الباحث والدكتور عبد الله تركماني، أن مقترح الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب يستجيب لتوجهين اثنين : 1ـ  اعتبار أنه في كل صراع  دولي ليس هناك غالب واحد يمكن أن يأخذ كل شيئ، مهما كانت شرعية حقوقه، فهناك قاعدة لا غالب ولا مغلوب.


2ـ  أن هذا الحل يعتبر أن القضية يمكن ان تحل على أساس انه لا الحاق ولا انفصال، بل هناك وضعية خاصة تسمح للسكان بتدبير شؤونهم اليومية دون الارتقاء الى شخصية دولية منفصلة...