تتضاعف الخلافات اللبنانية - اللبنانية حول مقاربة قضية النازحين السوريين عشية انعقاد مؤتمر «بروكسل 3»، وهو الأمر الذي تحذّر مصادر أوروبية من انعكاسه على المطلب اللبناني بشأن عودتهم وتدعو إلى توحيد الموقف.
وظهر آخر هذه الخلافات مع عدم دعوة وزير شؤون النازحين صالح الغريب ضمن الوفد اللبناني الذي سيرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري إلى بروكسل، بمشاركة وزيري التربية والشؤون الاجتماعية أكرم شهيب وريشار قيومجيان الذي يشرف بموجب التفاهمات والاتفاقات السابقة على تنفيذ ما تقرر بشأن النازحين، وهو ما رفضه الغريب المحسوب على «الحزب الديمقراطي اللبناني»، حليف سوريا الذي اعتبر التنسيق مع النظام ممراً إلزامياً للعودة.
ومع تأكيد الجهات المعنية أنه لا علاقة للبنان بالدعوات إلى المؤتمر، اعتبر الغريب أن «هناك إصراراً على العودة إلى سياسة الحكومة السابقة في ملف النازحين، وتجاوزاً لجميع الأصول والأعراف في الدعوة إلى مؤتمر بروكسل». ورأى أن تجاوز دور وزارته في المؤتمر هو «تجاوز لطريقة التفكير المغايرة والمقاربة الجديّة التي ننتهجها في معالجة هذا الملف بغية تحقيق العودة، وهذا ما لن نسمح به إطلاقاً».
وعلق وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي على غياب الغريب، قائلاً: «لم نفهم استبعاد وزير الدولة لشؤون النازحين من الوفد الرسمي إلى مؤتمر بروكسل... التنكر لاختصاصات الوزراء المعنيين هو أمر لا يساعد في شيء في تضامن الحكومة والنتاج المنتظر منها».
في المقابل، أكد قيومجيان أن الدعوات أرسلت من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة «ولا علاقة للبنان أو أي جهة لبنانية بها»، وهو ما عاد وأوضحه مستشار رئيس الحكومة النائب السابق عمار حوري، وكتب عبر حسابه على «تويتر»: «توضيحاً للبعض، الوزيران قيومجيان وشهّيب مدعوان مباشرة من الاتحاد الأوروبي للمشاركة في حوارات قبل يوم من زيارة الرئيس الحريري. أما الدعوة إلى المؤتمر فقد وجهت إلى رئيس الحكومة ووزير الخارجية فقط».
ورأى قيومجيان أن مشاركته كوزير للشؤون الاجتماعية التي لطالما كانت قضية النازحين من مهامها قبل استحداث وزارة شؤون النازحين «أمر طبيعي»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «شؤون النازحين ليست أكثر من وزارة سياسية وتفتقد إلى الهيكلية اللازمة للعمل». وأكد أن «مصلحة لبنان العليا هي التي ستكون الأهم في موقف الوفد في بروكسل وفي الكلمة التي سيلقيها الحريري وتحديداً عبر المطالبة بمساعدة النازحين والمجتمعات المضيفة مع التأكيد على أهمية عودتهم إلى بلادهم»، داعياً في هذا الإطار إلى «الإقلاع عن المزايدات والأكاذيب التي يطلقها البعض».
ومع تأكيده أن موضوع التوطين «لم يطرح على لبنان، كما أن أي طرف لبناني لن يقبل به إن طرح»، شدّد قيومجيان على أن «قرار عودة النازحين هو لدى جهة واحدة تتمثل بالنظام السوري الذي لو كان يريد عودتهم لقام بالخطوات العملية وسهّل لهم ذلك بدل وضع العوائق أمامهم، وخير دليل على ذلك ما يحصل في عمليات العودة التي ينظمها الأمن العام اللبناني بحيث إنه يطلب الكشف على الأسماء ليعطي الموافقة عليها فيما مئات الأسماء يتم رفض عودتها».
وكان هذا الانقسام في الموقف اللبناني محط اهتمام الموفدين الأجانب إلى لبنان في الفترة الأخيرة، إذ دعوا إلى توحيد التعاطي الرسمي مع أزمة النزوح السوري بعدما لمسوا تبايناً لافتاً بين كبار المسؤولين، محذرين من أن يضعف هذا الأمر المطلب اللبناني الداعي إلى إعادة النازحين إلى بلدهم. وتكاد تنحصر الخلافات بين الأطراف اللبنانية، التي تجمع على أهمية عودة النازحين، في الآلية، ففي حين يدفع البعض للتطبيع مع سوريا يرفض آخرون هذا الأمر.
وأكد موفدون أوروبيون، وفق ما أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن «وحدة الموقف من معالجة معضلة النازحين السوريين تشكل ورقة قوية لإقناع معظم الدول الأوروبية، لا سيما الصديقة منها بموقف لبنان». وكان المفوض السامي في الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيلبيو غراندي أكد خلال زيارته للبنان، أول من أمس، أن مؤتمر بروكسل يهدف إلى «تأمين المساعدات للبنان، خصوصاً أن الشعب اللبناني بدأ يعاني من أزمة النزوح السوري على الصعيد الاقتصادي، لا سيما في المناطق اللبنانية التي يعاني سكانها صعوبات اقتصادية»، قالت مصادر لبنانية شاركت في اجتماعاته في بيروت إن أحد المسؤولين اللبنانيين اقترح عليه نقل التقديمات والتبرعات من مالية وعينية إلى النازحين في سوريا وليس في لبنان انطلاقاً من أن هذا الأمر قد يشجع على إقناعهم بالعودة.
(كارولين عاكوم - وخليل فليحان)