انطلقت عملياً، أمس، التدابير الرسمية لإجراء الانتخابات الفرعية في مدينة طرابلس شمال لبنان، لملء المقعد النيابي الذي شغر بقبول المجلس الدستوري الطعن في نيابة ديما جمالي، المحسوبة على تيار «المستقبل». ووقّع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس الحكومة سعد الحريري، ووزيرة الداخلية ريا الحسن، مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، وتم تحديد يوم الأحد 14 أبريل المقبل موعداً للانتخابات التي ستتم، حسب النظام الأكثري.
وتتجه قوى «8 آذار» لعدم خوض المعركة، كما أكدت مصادرها لـ«الشرق الأوسط»، لافتة إلى أن أيّ قرار نهائي لم يُتخذ بعد. وتدرس هذه القوى إمكانيات نجاحها بعد تفاهم أبرز زعماء طرابلس، رئيس الحكومة سعد الحريري مع رئيس كتلة «الوسط المستقل» نجيب ميقاتي، والنائب السابق محمد الصفدي، على دعم مرشحة «المستقبل» جمالي.
وكانت كل القوى الطرابلسية تنتظر حسم ميقاتي قراره باعتبار أن اصطفافه إلى جانب أي من هذه القوى من شأنه أن يرجح كفتها، لأن لائحته حصدت أكثر من 30 ألف صوت في الانتخابات الماضية، مقابل نحو 26 ألف صوت للائحة «المستقبل»، و16 ألف صوت للائحة قوى «8 آذار». واكتفت مصادر ميقاتي بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «هو أعلن الموقف الداعم للرئيس الحريري منذ اليوم الأول». وخلال احتفال في طرابلس، قال ميقاتي: «صودف أنه، من ضمن 17 طعناً بالانتخابات النيابية، هناك طعن بنائب في طرابلس، وكأن حظ هذه المدينة دائماً الانخراط في المعارك، والشرذمة. نعم، نحن معركتنا مستمرة، وهي معركة طرابلس». ورفضت مصادر ميقاتي الإجابة عن أي تفصيل انتخابي لدى سؤالها عما إذا كان «تيار العزم» سيشغل ماكيناته الانتخابية لدعم جمالي. واستبعدت مصادر طرابلسية أن يُقدم ميقاتي على ذلك، مرجحة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يبقى دعمه الانتخابي محدوداً حرصاً على عدم حصول مرشحة «المستقبل» على عدد أصوات يفوق العدد الذي جعله يتصدر كل نواب المدينة. وسخرت مصادر «المستقبل» مما تردد أخيراً عن إمكانية أن يتم ترشيح رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة عن المقعد النيابي في طرابلس لإكسابه حصانة نيابية يواجه فيها الاتهامات الموجهة إليه بموضوع الحسابات المالية. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الأمر غير مطروح لا لدى قيادة (المستقبل)، أو لدى الرئيس السنيورة، لأنه لا شيء يستدعي الحصانة النيابية».
وفي مقابل اقتراب قوى «8 آذار» من حسم عدم مشاركتها في المعركة الانتخابية، رغم التصعيد الذي طبع مواقف الأمين العام لـ«تيار المستقبل» أحمد الحريري، بإعلانه أخيراً أن طرابلس «ستكسر حزب الله وحلفاءه»، يبدو أن الوزير السابق اللواء أشرف ريفي الذي حصل في الانتخابات الأخيرة على نحو 7900 ألف صوت، يتجه «مبدئياً» لخوض الانتخابات الفرعية، كما قالت مصادره لـ«الشرق الأوسط»، لافتة إلى أنه سيعلن قراره النهائي في 14 مارس (آذار)، إلا إذا طرأ ما يستدعي إعلانه قبل ذلك. وأشارت المصادر إلى أن ريفي يجد نفسه معنياً بالانتخابات، ويعتبر أن لها بُعدين أساسيين، بُعداً إنمائياً، حيث إن المدينة تزداد حرمانا، وبُعداً سياسياً - وطنياً، حيث «يرى في الانتخابات محطة لترجمة التوجه السياسي للمدينة التي قالت في أكثر من مناسبة كلمتها إلى جانب الدولة والمؤسسات و(اتفاق الطائف) وفي مواجهة مشروع (حزب الله)». وأضافت المصادر رداً على سؤال عما إذا كانت العناوين التي يرفعها ريفي تتقاطع مع عناوين «المستقبل» في هذه المرحلة: «كلام أحمد الحريري الأخير مُسلّم به بين القوى السيادية التي تريد بناء الدولة، لكن ما يهم أن تتم ترجمة ما يُقال في طرابلس داخل الحكومة، حيث يسعى حزب الله لقضم السلطة التنفيذية وصلاحيات رئيس مجلس الوزراء».