مَن منا لم يجلس على مقاعد الدراسة، ويتتلمذ على أيدي المربي أو المعلم؟ وهو أستاذ المدرسة، هو مَن لا يمكن مقارنته مع أحد. هو الذي كُتِبَت له وعنه القصائد والقصص، كشكر له ولاهتمامه بأطفال ومراهقين ليسوا من فلذة كبده ولكنه يعتبرهم أولاده. فكم من المرات، إستعمل الأستاذ في صفه وبطريقة عفوية (لاواعية) كلمة «أبنائي»... وكم من مرة ومرة إستبدل التلميذ كلمة «أستاذي أو معلمتي» بـ»أبي» أو بـ»أمي». وكل ذلك له تفسيراته الخاصة في علم النفس. ودور الأستاذ أساسي ومهم في المدرسة إلى جانب الطاقم الإداري.
فهو مربي الأجيال والمثال الجيد للعطاء والمحبة. كما له دور فعّال في الحفاظ على التوازن النفسي والنفسي- الإجتماعي لجميع التلامذة بدون إستثاء.
أدوار المربّين في المدرسة
هناك الكثير من الأدوار التي يقوم بها المدرّس في الصف وهي لا تُعدّ ولا تحصى، وتختلف باختلاف المراحل الدراسية، وأبرزُها:
أوّلاً، رعاية النموّ الشامل للتلميذ، يعني ذلك أنّ المربّي يساعد الطفل في محاور عدّة، منها العملية والتربوية، كما يساعده على النموّ الشامل «روحياً وعقلياً ومعرفياً ووجدانياً».
ثانياً، دور المعلم كخبير ماهر في مهنة التدريس والتعليم.
ثالثاً، ناقلُ المعلومات والمعارف للتلامذة. فهو أساس عملية التعلّم والتعليم ولا يلقّن التلاميذ بالقوّة ولكن بالحوار والهدوء. هذه الطريقة الهادئة تدفع الطفلَ إلى استيعاب الدروس والبحث بمساعدة إرشادات وتوجيه معلّمِهم.
رابعاً، واحد من أدوار المعلّم هو النموّ المهني والاطّلاع على خبرات مهنية جديدة تساعد التلميذ على اختيار مهنةٍ مناسبة له في المستقبل.
خامساً، المعلّم مسؤول عن الانضباط وحفظِ النظام في صفّه وعن مستوى تحصيل التلميذ وتقويمه.
سادساً، دور المعلّم كمرشد نفسي ومساعد للتلامذة الذين يعانون من مشكلات عائلية، وتوجيههم إلى الاختصاصيين النفسيين المدرسيين.
«أستاذ المدرسة» وعلم النفس
المعلّم، هذا الإنسان الذي مهما شكرناه نبقى «مقصّرين معه»، فبفضله نحن على ما نحن عليه اليوم. هو الذي شجّعنا وساعدنا على الدراسة، وهو واحدٌ من المُثل العليا عند الكثير من التلامذة. في جميع أنحاء العالم، يكرّمون أستاذاً وأستاذة المدرسة لأنّهما يطلقان الأجيال الصاعدة إلى العالم. وطبعاً لكل أستاذ شخصيته الخاصة وهناك الكثير من الصفات التي يذكرها علم النفس لطبيعة عمل أستاذ الصف، مؤكداً بأنّ معظم الأساتذة يتمتّعون بصفات مماثلة بين بعضهم، في أيّ بقعة من الأرض، وهي:
أولاً، الأخلاق: من أهم الصفات التي يجب أن يتمتع بها المربي. ويحاول بشتى الطرق نقلها إلى التلامذة. فالتلميذ الذي إعتاد على سماع الكلام الجميل والتشجيعي واللائق من أستاذه في الصف، سيستعمل الكلمات والكلام مع غيره بما أنّ المعلم هو قدوة ومثال أعلى لجميع التلامذة بدون إستثناء.
ثانياً، التضحية: فالمربي مثال ممتاز للتضحية. هو يهتم برعاية التلامذة خلال جميع مراحل دراستهم كما يسأل عن تقدّمهم العلمي سنة بعد سنة. وطبعاً دور الأستاذ الثانوي، لا يقل أهمية عن دوره في المراحل الإبتدائية، فهو السند الحقيقي للتلامذة في مرحلة المراهقة.
ثالثاً، الحنان: يكرّس الاستاذ معظم وقته في التحضيرات وتصليح الواجبات المدرسية وتقييم التلامذة... وغيرها من الأمور التي تتطلب جهداً كبيراً. كما من أهم أدواره في الصف هو ربط بين مختلف التلامذة من خلال إهتمامه وحنانه «الموضوعي»، وخصوصاً بين التلامذة الذين يعانون من مشكلات عائلية أو مشكلات فردية. كما يساهم المعلم في الصف في ضخّ روح التعاطف والتعاون والتضحية بين «المتلقّنين».
التحليل النفسي للمعلّم
هناك الكثير من المسؤوليات للمعلم في صفه أو في المادة التي يلقّنها. وبسبب هذه المسؤوليات، يزيد الضغط النفسي عليه، ما يؤثّر في شخصيته، فتشهد تغيّرات على الصعيد النفسي والإجتماعي. ويبدأ التفاعل بينه وبين تلامذته، منذ اللحظات الأولى في الحصص الدراسية. ولا ينفك الأستاذ في إعطاء التوجيهات ومساعدة التلميذ للوصول إلى النجاح المطلوب، مستعملاً كل طاقاته.
كما يؤدي المعلم دوراً مهمّاً جداً في حياة التلميذ وهو دور الأب (أو الأم)، وأطفال كثر يتعلقون بأستاذهم ويرون فيه أماً أو أباً ثانياً. كما للمعلمين (خاصة الذكور منهم) صورة «المسؤول» والداعم للتلامذة و»الحامي» لهم. أما بالنسبة للمعلمة، فهي تأخذ صورة الأم التي تجيب على كلّ متطلبات التلامذة (خصوصاً الصغار منهم) كالحنان والأمان والحبّ والمحادثة... ما يساعد التلميذ الصغير في صقل شخصيته المستقبلية.
وأما التربية فهي المسؤولية الكبرى التي تجمع الوالدين وأساتذة المدرسة، ويكتسب التلميذ منهم معظم الأنماط السلوكية والتصرفات (الحسنة أو السيّئة) وأيضاً الطبع. ويعلّم المربي التلميذ أن يكون إجتماعياً، أن يدافع عن نفسه، وطبعاً يدفعه للتكيّف الإجتماعي والتواصل مع التلامذة الآخرين.