منذ صدور قرار المجلس الدستوري بإبطال نيابة عضو كتلة المستقبل ديما جمالي، وإعتبار المقعد السني الخامس في طرابلس شاغرا، والدعوة الى إجراء إنتخابات فرعية في غضون شهرين، أظهرت كل التيارات السياسية إهتماما بهذه الانتخابات التي من شأنها أن تعيد تحديد بعض الأحجام السياسية في المدينة.
تيار المستقبل سارع الى إعادة تبني ترشيح جمالي التي بدأت حملتها الانتخابية منذ اللحظة الأولى لابطال نيابتها.
قوى 8 آذار ما تزال تدرس إمكاناتها وظروف المعركة بشأن ترشيح طه ناجي (صاحب الطعن الذي كان من المفترض أن يحل مكان جمالي كونه يمتلك الكسر الأعلى، لكن كان للمجلس الدستوري رأي آخر في هذا الكسر الذي وجد أنه لا يعوّل عليه في إعلان فوزه).
الوزير السابق اللواء أشرف ريفي يدرس خياراته ويجري مشاورات مع كوادره وأصدقائه ومن المنتظر أن يعلن موقفا حاسما تجاه هذا الترشيح في 14 آذار المقبل لما تحمله هذه المناسبة من رمزية وطنية وسيادية.
المجتمع المدني يكثف إجتماعاته لاستشراف ظروف المعركة الانتخابية، ليبني على الشيء مقتضاه في ترشيح أحد أركانه، إضافة الى بعض المستقلين الذين يطمحون لدخول الندوة البرلمانية وحال القانون النسبي دون ذلك، وهم يرون اليوم أن الفرصة سانحة لاعادة التجربة وفقا للقانون الأكثري.
أما التيارات السياسية الأخرى فهي قررت عدم خوض الانتخابات بمرشح لها، لكنها ستكون معنية في دعم هذا المرشح أو ذاك، بانتظار أن تتبلور صيغة الترشيحات.
لكن اللافت والمستغرب هو أن الجهة الأساسية المعنية بهذه الانتخابات ما تزال غائبة عن السمع، وكأن الأمر لا يعنيها، وهي وزارة الداخلية المولجة بتحديد موعد هذا الاستحقاق وبدعوة الهيئات الناخبة، وتهيئة كل المستلزمات الادارية والأمنية واللوجستية لاتمامه، خصوصا أن قرار المجلس الدستوري صدر في الجريدة الرسمية منذ 22 شهر شباط الفائت، أي قبل إسبوعين، والانتخابات يجب أن تجري بحسب هذا القرار في غضون شهرين من نشره، أي في 22 نيسان كحد أقصى، أي لم يبق على موعد هذا التاريخ سوى 46 يوما، علما أن الانتخابات من المفترض أن تجري قبل هذا التاريخ بسبب أعياد الفصح، أي ما بين 7 الى 14 نيسان المقبل، ما يشير الى أن الوقت يضغط الى حدود شهر واحد، ما يؤكد على ضرورة إعلان وزارة الداخلية عن دعوة الهيئات الناخبة، إلا إذا كان هناك ما يدعو الى التأجيل.
عدم مبالاة وزارة الداخلية يطرح سلسلة تساؤلات في الأوساط الطرابلسية لجهة: هل يريد تيار المستقبل تهريب الانتخابات الفرعية في طرابلس عبر حشر المرشحين المنافسين لديما جمالي بموعد سريع بحيث لا يستطيعون معه التحضير أو الاستعداد لخوض معركة ضدها، بينما هي تصول وتجول إنتخابيا منذ إعلان قرار إبطال نيابتها؟.
وهل يحتاج المستقبل مزيدا من الوقت لتهيئة الارضية الشعبية لجمالي، وإقناع الناخبين بالتصويت لها؟.. أم أن الوزيرة ريا الحسن التي تسلمت مسؤولياتها قبل نحو شهر ما تزال تحتاج الى وقت لتتسلم كل الملفات ومن بينها ملف الانتخابات، ما قد يدفع الى تأجيل هذا الاستحقاق الى ما بعد شهر رمضان المبارك (في منتصف شهر حزيران المقبل) حيث تكون الجهوزية قد إكتملت بالنسبة لتيار المستقبل ومرشحته جمالي، وبالنسبة لوزيرته في الداخلية؟..