مؤكد أن الإهتمام الأميركي المتزايد بالشأن اللبناني وزيارة أكثر من مسؤول بالإدارة الأميركية من هيل إلي ساترفيلد ووصولًا إلى الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية مايك بومبيو في الأيام القليلة القادمة، ليست هي في معرض التهنئة لتشكيل الحكومة على غرار زيارة ظريف أو العلولا.
الأميركي لا تعنيه الشكليات والتبريكات، ولا يوفد كبار مسؤوليه لأخذ الصور وتسجيل مواقف إعلامية.. الأميركي يأتي ومعه مطالب حتى لا نقول إملاءات وأوامر يريد تنفيذها وإلا (وهذا ديدن كل الأقوياء بدون إستثناء).
إقرأ أيضًا: مشكلتهم مع الحريرية السياسية
لبنان هو واحدة من الساحات التي تتقاطع فيها وعليها التصادم الأميركي الإيراني، وقد شهد في الأعوام الأخيرة رجحان واضح للكفة الإيرانية وبات ممسوكًا بشكل كلي من طهران أو بالدقة اللفظية صار ممسوكًا من الحرس الثوري كما صرح قاسم سليماني بعيد الإنتخابات النيابية الأخيرة.
واستطاع المسؤولون اللبنانيون من كل الأطياف التعايش مع هذا الواقع الجديد الذي كانت ذروته في التسوية الرئاسية وما تفرع عنها من تحاصص حكومي، ولأن المسؤول اللبناني يتبع سياسة "لي بيتجوز إمي بعيطلو يا عمي" طالما أن مصالحه الشخصية متوفرة وهذا ما يفسر التصحر السياسي الموجود في لبنان وغياب أي نقاش سياسي حقيقي الا ما ندر.
فإذا كانت زعامات ما كان يعرف بـ 14 اذار سابقًا قد ارتضوا على أنفسهم السير تحت الجناح الإيراني بحجة المغلوب على أمرهم وبسبب "الواقعية السياسية" التي يتفهمها الأميركي، فإن التيار الوطني الحر وعلى رأسه الرئيس عون وصهره هو الطرف الوحيد القابع إختياريًا في أحضان حزب الله ويحاول أن يتذاكى على الأميركي ويقدم نفسه لهم كشريك محتمل.
إقرأ ايضًا: ليس هكذا تُثبِت براءتك يا فؤاد
أعتقد أن لحظة الحقيقة أتت، والأميركي جاء ليقول للجميع أن اللعبة انتهت، والإزدواجية لا مكان لها في القادم من الأيام فإما أن تكونوا معنا أو أنتم مع حزب الله بشقيه العسكري والسياسي وسنتعامل معكم كشركاء للإرهاب وأن سيف العقوبات سيطالكم حتمًا.
المؤكد أن جماعة 14 اذار سوف يقفزون إلى الجانب الآخر سريعًا، يبقى السؤال عن مصير جبران باسيل وماذا سيفعله، فلا هو بمقدوره القفز حتى وإن رغب بذلك، ولا هو يستطيع البقاء، وهذا التردد والضياع سوف يدفع ثمنه لبنان غاليًا وغرقًا.