فجأة ومن دون سابق إنذار، سار طرح ترشيح الرئيس فؤاد السنيورة للانتخابات الفرعية في طرابلس كالنار في الهشيم، حيث ضجت الصحف المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي بدعوة الرئيس سعد الحريري للقيام بهذه الخطوة وترشيحه بدلا من ديما جمالي بهدف إعطائه الحصانة النيابية التي يمكن من خلالها أن يواجه ما يعتبره البعض ″الافتراءات″ على خلفية ملف مكافحة الفساد وصرف الـ 11 مليار دولار خلال حكومته.
يمكن القول إن هذا الطرح وجد فيه بعض المستقبليين والمتمسكين بمبادئ ثورة الأرز ضالتهم، لجهة إحراج الحريري وإخراج ديما جمالي من المعادلة الانتخابية، وضمان عودة المقعد النيابي الخامس في طرابلس الى حضن ″تيار المستقبل″، وإعادة أحد أبرز صقوره الى الندوة البرلمانية، خصوصا أن ترشيح السنيورة من شأنه أن يثني الوزير السابق أشرف ريفي عن الترشح لما تربطه من علاقة أكثر من جيدة مع رئيس الحكومة السابق، فضلا عن إنهاء المعركة قبل أن تبدأ، والحؤول دون تفكير قوى 8 آذار في خوض مواجهة خاسرة سلفا.
في حين وجد فيه البعض الآخر ممن يدورون في فلك “المستقبل” وغيرهم من أبناء طرابلس، أن هذا الطرح من شأنه أن يسيء الى الرئيس السنيورة، كونه يوحي بأنه خائف من الملاحقة القضائية، ويسعى وراء الحصول على حصانة نيابية، حتى لو أدى به الأمر الى فرض نفسه على طرابلس والترشح عن مدينة ليس منها، لافتين الانتباه الى أن السنيورة قامة وطنية وهو بعيد عن الشبهات وقادر على مواجهة الافتراءات التي تطاله من دون أية حصانة أو مساعدة من أية جهة سياسية.
أما السواد الأعظم من الطرابلسيين فعبروا عن رفضهم لهذا الطرح، معتبرين أن المقعد طرابلسي سني، وهو حق لأبناء المدينة حصرا والتي فيها من الكفاءات والقدرات من يستطيع أن يمثلها خير تمثيل في مجلس النواب، منتقدين أن تدفع طرابلس دائما الثمن من حسابها، وأن تكون مقاعدها النيابية عبارة عن ″هدايا″ سياسية لهذا الفريق أو ذاك، مؤكدين أن ترشيح أي شخصية من خارج طرابلس من شأنه أن يمعن في الاساءة الى المدينة وأهلها، مطالبين بالكف عن تقديم هذه الاقتراحات المرفوضة جملة وتفصيلا.
تقول معلومات خاصة لـ″سفير الشمال″: إن طرح ترشيح الرئيس السنيورة كاد أن يتحول الى حقيقة، وأن كثيرين فاتحوا رئيس الحكومة السابق بهذا الأمر، لكن السنيورة نفسه رفض الفكرة من أساسها، وأكد أنه لا يريد خوض الانتخابات في طرابلس، كما أنه لا يريد أن يتسبب بأي إحراج للرئيس سعد الحريري الذي أعطى كلمة الى ديما جمالي التي تستعد لخوض المعركة الانتخابية، شاكرا كل من طرح هذا الترشيح على عاطفتهم، داعيا إياهم الى طيّ هذا الأمر كونه بحكم المنتهي بالنسبة له.
مع موقف السنيورة الرافض للدخول على قرار الرئيس الحريري أو كسره والترشح في طرابلس، من المفترض أن تعود الأمور الى نصابها على صعيد المنافسة الانتخابية المحلية، بانتظار أن تبادر وزارة الداخلية الى تحديد موعد الاستحقاق ودعوة الهيئات الناخبة، والذي يرى متابعون أنه تأخر كثيرا خصوصا أن قرار المجلس الدستوري الذي دعا الى إجراء الانتخابات الفرعية في غضون شهرين، قد نشر في الجريدة الرسمية منذ 11 يوما، أي في 22 شباط الفائت، ما يطرح تساؤلات لجهة: ماذا تنتظر وزيرة الداخلية ريا الحسن لتحديد موعد هذه الانتخابات، وهل ستجري في شهر نيسان المقبل؟، أم أنها ستتأخر الى ما بعد شهر رمضان المبارك ليتمكن ″تيار المستقبل″ من تهيئة الأجواء أكثر فأكثر لمرشحته ديما جمالي.