فيما اعتبر وزراء معترضون قرار الحريري بمثابة «تصويت شعبوي غير مفهوم لا في الشكل ولا في المضمون، ولم يراع الوعود المقطوعة للمجتمع الدولي ولم يحتكم الى البيان الوزاري، حتى ان التصويت لم يتم بحسب الاصول»، طارحين علامات استفهام حول ما سمّوه «تصرّف الرئيس الحريري لاسيّما انه أقَرّ مرسوم الـ 6 درجات وقوفاً وقبل المغادرة بلحظات.. ومشى»!
ويلفت المعترضون، الى أنّ «المفارقة في مجريات الجلسة الأخيرة ومقرراتها أنها تمّت أثناء تواجد الموفد الفرنسي بيار دوكان في لبنان للاستطلاع والاستقصاء وليس للسياحة، لتفاجئهُ الحكومة بمزيد من الاستدانة، فيسجل النقطة الاولى في مفكّرته «على الحكومة» وليس لصالحها، وبدل ان تكون البداية بقرارات جريئة كما وعدت في بيانها الوزاري لتخفيض الانفاق بدأت بالاستدانة، ليصح القول فيها «اول دخولها استدانة طولها»، حسب تعبير الوزراء المعترضين.
لم يكن إقرارالدرجات الست في الجلسة المفاجأة الوحيدة، فالملفت ايضاً كان كلام خطير تضمّنه بيان وزير الاقتصاد منصور بطيش، الذي قرأه على مسمع جميع الوزراء، والذي يبدو أيضاً انّه لن يمرّ مرور الكرام. فما هو المثير في كلمة بطيش؟
إستعان وزير الإقتصاد بدايةً بما كتبه الوزراء في البيان الوزاري، مذكّراً بمضمونه، «نحن جميعاً في مركب واحد والثقوب التي تهدّد هذا المركب معروفة... المطلوب قرارات وتشريعات وإصلاحات جريئة ومحدّدة لتجنّب تدهور الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية نحو حالات اشد صعوبة وألماً».
كما أعاد بطيش مطالبته الاسراع في إنجاز قانون الموازنة بوصفه يجسّد سياسات الدولة في كل الميادين التي يجب التوافق عليها، لافتاً الى انه لا يجوز للحكومة الاستمرار في التعامل مع الاوضاع الموقتة التي بيّنت التجارب السابقة احتمال ان تتحوّل الى اوضاع دائمة .
كما طرح بنوداً مهمة وأساسية كانت أقرب الى التساؤلات، لافتاً الى أنّ اول استحقاق لسندات اليوروبوند هو في 23 نيسان المقبل وهو بقيمة 500 مليون دولار، وبالتالي لدى الحكومة مهلة شهر واكثر قبل هذا الاستحقاق. فاذا تعذّر انجاز الورشة الكاملة في هذه المهلة يُصار خلال هذه الفترة الى معالجة هذا الاستحقاق حصراً وليس كل استحقاقات 2019.
وفيما شدّد بطيش على أنّ المطلوب هو البدء اليوم قبل الغد بهذه الورشة المهمة لتبني عليها الحكومة سياسة الدولة وبالتالي مشروع الموازنة، اشار الى انّ البند المعروض على الحكومة هو ما اعتادت الحكومات السابقة على القيام به، ولكن الحكومة الحالية التزمت ووعدت في بيانها الوزاري باصلاحات جريئة. موضحاً، أنّ من المفترض ان يكون امام الحكومة اليوم عرض شامل لوضعية الدين العام وتصورات وزارة المالية لتطوير ادارته وضبطه.
وتوجّه بطيش في حديثه الى وزير المال علي حسن خليل بالقول: «إنّ الحكومة تنتظر منك اليوم ان تعرض امام مجلس الوزراء تقريراً مالياً عن نتائج عام 2018 يتضمن مجمل الإنفاق والمتأخّرات ان وُجدت، والايرادات المحققة».
وقال، إنّ آخر المعلومات الرسمية لدى الحكومة عن الوضع المالي تعود الى تقرير وزير المال الى الامانة العامة لمجلس النواب بتاريخ 31 كانون الاول 2018 عن الفصلين الاول والثاني من العام المنصرم.
وختم بطيش بيانه بما فَهمه من كتاب الوزير خليل، الذي يطلب إجازة عامة لاصدار سندات دين بالعملات الاجنبية بقيمة 4,5 مليارات دولار، علماً بأن قيمة أصل السندات المستحقة في هذا العام تبلغ 2,65 مليار دولار.
وسأل: «هل يمكننا أن نطلب تقريراً مفصلاً يُرفع الى مجلس الوزراء ويتضمن الاستحقاقات بالعملات الاجنبية وبالليرة اللبنانية والفوائد المترتبة عليها، وما هي السياسة المتبعة لمواجهة هذه الاستحقاقات، وما تأثير عمليات الاصدار هذه على توزع الدين؟».
وفي السياق، تتساءل مصادر القوى المعترضة:
- لماذا الإستدانة قبل تسديد سندات الخزينة وقبل شهر نيسان وقبل الموازنة؟
- لماذا وافق الحريري على مبدأ الاستدانة، وهل من قطبة سياسية مخفية وراء قراره الذي فاجأ فيه، بالإضافة الى وزراء التيّار الوطني الحر، باقي الوزراء كما المراقبين الدوليين؟
- بعد معارضة القوى المسيحيّة للمرّة الأولى بالإجماع لمقررات الجلسة الحكومية، وبعد كلمة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد الرافضة مبدأ الإستدانة، هل ستشهد الأيام المقبلة مزيداً من المفاجآت؟
- بعد النبرة العالية لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في «الجلسة الملتبسة»، هل ستكون هناك خطوات تصعيدية معينة أو تأزّم في العلاقة بين الحريري وباسيل؟
وبعد تحديد الموفد الفرنسي مهلة شهرين للدولة اللبنانية لتبرهن عن خطواتها الإصلاحية وإلاّ على «سيدر السلام»، ماذا سيكون موقف رئيس الجمهورية؟ وهل من قرارات مفاجئة موجبة سيتّخذها عون في الأيّام المقبلة؟