يبدو أن عاصفة الاستنكار والرفض لحملة «حزب الله» على الرئيس فؤاد السنيورة مرشحة للاتساع أكثر فأكثر في الأيام المقبلة، في ضوء التضامن الواسع الذي لقيه الرئيس السنيورة من العديد من القوى السياسية بعد مؤتمره الصحافي الأخير، حيث أعاد الحضور البارز لشخصيات الرابع عشر من آذار، مشهدية مرحلة ما بعد الـ2005، والتي حضرت داعمة لرئيس الحكومة الأسبق في وجه الحملة التي يتعرض لها من جانب «حزب الله» ومن يدورون في فلكه، خاصة وأنه أضاء على كثير من الأمور التي كشفت زيف الادعاءات التي تساق ضد الرجل وتحميله مسؤولية الـ11 مليار دولار، بحيث أنه فند بالوقائع والأرقام كيفية صرف هذا المبلغ من العام 2005، في رد مفصل ومسهب لا يدع مجالاً للشك والتضليل، أثبت من خلاله أن حملة «حزب الله» ضده، إنما هي استهداف سياسي أولاً وأخيرا لغايات لم تعد خافية على أحد. والأخطر أن الرئيس السنيورة اعتبر أن هذه الحملة، تشبه في ظروفها وأبعادها ما تعرض له في العام 1999، بما يتعلق حينها بما سمي «محرقة برج حمود»، حيث ثبت أن لا علاقة له بها، وأن هذا الملف كان ملفقاً لأهداف سياسية من الفريق المعارض للرئيس رفيق الحريري حينها.
ورغم أن الرئيس السنيورة قد برأ ساحته من كل هذه الاتهامات التي ساقها «حزب الله» ضده، كما تقول أوساط سياسية متابعة، إلا أن كلامه حمل تحذيرات من مغبة أن يكون الحزب وحلفاؤه يمهدون الطريق لتركيب ملفات كما أشار إلى ذلك في طيات مؤتمره الصحافي، تماماً كما كانت بداية عهد الرئيس إميل لحود الذي ليس صدفة أن يدلي بدلو على هذا الصعيد، في ظل حالة استنفار سياسي لمواجهة انعكاسات هذه الحملة على الرئيس السنيورة ومن خلاله على تيار المستقبل وزعيمه، وهو الأمر الذي سيدفع المتضررين من هذه الحملة إلى القيام بردة فعل مضادة، تعري المضللين وتضع الأمور في نصابها الصحيح، لأن الفساد لا يمكن حصره بفريق سياسي محدد أو بقوى دون غيرها، فيما الجميع يعلم أن المعابر البحرية والبرية والجوية لا تخضع لسلطة الدولة بالكامل، ومعروفة الجهة التي تضع اليد عليها وتخضعها لقرارها وهيمنتها.
ويشير عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب سامي فتفت إلى أن «المستهدف من خلال الحملة على الرئيس فؤاد السنيورة، هو الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل، باعتبار أنه استهداف سياسي، لكننا سنواجه هذه الحملة ونعرف كيف سنرد عليها وفي أي وقت»، داعياً الذين يملكون أي دليل أن يقدموه للقضاء، «لكن أن يتم التشهير بالناس، فهذا مرفوض وسيرد عليه بالطريقة المناسبة».
ويؤكد فتفت لـ«اللواء»، أن «الحملة على الرئيس السنيورة، تأتي في سياق التحامل على الرئيس الحريري وفريقه السياسي»، مستغرباً «كيف أن هناك من يتلطى بمحاربة الفساد والتحدث بالعفة ليصفي حساباته مع الآخرين، لكن عليهم أن يعرفوا أن من كان منزله من زجاج لا يرشق الناس بالحجارة، وهذه بالتأكيد مشكلة كبيرة سنواجهها بالأسلوب المباشر وفي الوقت المناسب»، متحدثاً عن «عملية توزيع أدوار بين «حزب الله» وحلفائه، يمكن أن تترك انعكاساتها على عمل الحكومة».
ورأى فتفت، أن «الرئيس الحريري عازم على توفير الأجواء المناسبة لعمل الحكومة لتفي بما وعدت به في بيانها الوزاري، باعتبار أنها حكومة الأمل الأخير ، ولا بد أن تعمل موحدة، لأنه ليس هناك أي خيار آخر أمامها للاستجابة لبنود مؤتمر سيدر الذي يشكل دعماً هاماً للاقتصاد اللبناني إذا أحسنا التعامل معه».
ولا ترى أوساط سياسية في «تيار المستقبل» أن «حزب الله سيصل في استفاقته المتأخرة على محاربة الفساد إلى مكان، لأنه كان الأجدر به أن يسخر إمكانات دويلته لمصلحة الدولة اللبنانية، وأن يقطع دابر الفساد في بيئته وأن لا يوفر الغطاء للذين يعملون على مصادرة قرار الدولة وتهميش دورها، لأن اللبنانيين يعلمون من هو الذي يدافع عن مؤسسات الدولة، ومن هو الذي يسعى لوضع اليد عليها وإحكام قبضته عليها، في الوقت الذي ينبغي تضافر الجهود لإخراج البلد من مأزقه وتوفير أقصى الدعم للحكومة لتتمكن من تنفيذ برنامجها الوزاري، لا أن يتم التلطي وراء بطولات وهمية لا تنطلي على أحد».