ماذا يدور في البقاع؟ سؤال فرضته حوادث أمنية خلال الايام الماضية ذات صلة بالحزب بصورة مباشرة وغير مباشرة. فبعد أيام قليلة من الانباء عن شبكة دعارة تم الكشف عنها في بعلبك، توّرط فيها مسؤول أمني تابع للحزب، جرى الاعلان عن عملية مداهمة نفذتها القوى الامنية لمصنع مخدرات في البقاع الشمالي يعود الى مطلوب تباهى مراراً بانه من البيئة الحاضنة لـ”حزب الله”.
قبل القفز الى الاستنتاجات، لا بد من التعامل مع الاوضاع التي يعيشها البقاع الذي اعتبره الحزب ولا يزال الخزان الرئيسي للمقاومة التي أطلقتها إيران بعد العام 1982 من تلك المنطقة. ووفق معطيات خبراء تحدثت اليهم “النهار”، يعيش هذا الجزء من لبنان ضائقة شديدة الوطأة على مستويات عدة. ففي بعلبك مثلا، عانت المدينة الامريّن من الانفلات الامني والاخلاقي والاجتماعي، ما حتم تدخل الحزب لكي يحقق مصالحات ويرفع الغطاء عن متجاوزين. لكن ذلك، لم يداو معضلة توفير فرص العيش التي تقلصت بالتوازي مع الشح الهائل في موارد الحزب.
الى أين يتجه تعاطي الحزب مع بيئته الحاضنة عموما، وفي البقاع خصوصاً بعد الكشف عن شبكة دعارة ومداهمة مصنع للمخدرات؟ وفق معطيات الخبراء، يتبيّن ان حلولاً نهائية للتردي في البقاع لم يحن اوانها بعد. ففيما يتعلق بشبكة الدعارة، فهي نموذج لحالة مستمرة تتعلق بمبدأ “المتعة” الذي يكتسب الشرعية في الجمهورية الاسلامية التي صدّرت هذا السلوك الى لبنان. ولم تكن الشبكة التي جرى فضح سرّها سوى احد المراكز التي وفّرت الخدمات الجنسية لعدد هائل من الشبان الذين يدورون في فلك الحزب، والذين مثّلوا قوته الضاربة في الحرب السورية. أما مصنع المخدرات الذي جرت مداهمته، فقد تم القبض على الاطنان من إنتاجه. فيما توارى صاحب المصنع، عن الانظار بفضل معلومات تردد انها وصلته قبل المداهمة وانتقل بعدها عبر معبر حدودي للحزب الى سوريا!
ما يزيد من وطأة أثقال “حزب الله” في البقاع أيضاً، ان زمن سيطرته الاحادية على المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا قد ولّت. وبإستثناء معابر قليلة، وفق معطيات الخبراء، لا تزال تحت سيطرة الحزب في منطقة القصير يستخدمها قياديون في الحزب كمعابر للبضائع في الاتجاهين، فان هناك مسافة طويلة على الحدود الشرقية صارت تحت سيطرة الجيش اللبناني بمؤازرة بريطانية تتمثل بتقنيات متقدمة حصل عليها لبنان منذ أعوام. أما سائر الحدود، التي تفصل لبنان عن منطقة دمشق، فقد باتت تحت رقابة روسية لا وجود للحزب على خطوطها بإستثناء وجود عناصر تابعين له في إطار الفرقة الرابعة للجيش السوري بإمرة ماهر الاسد شقيق رئيس النظام.
لا جدال في ان انحسار رقعة سيطرة “حزب الله” على مقدرات الدولة اللبنانية يؤدي تلقائيا الى إنكماش قدراته. وبعدما كان البقاع أرضاً صلبة لنفوذ الحزب داخليا وإقليميا صار اليوم رمالاً متحركة؟