استبعد رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن أن يترك تصنيف بريطانيا الأخير لحزب الله أي تداعيات، مذكرا أنها كانت بالأمس أول مَن طالب بفصل التعامل مع الشق السياسي بخلاف الشق العسكري، وها هي اليوم تعود لتناقض نفسها وتحكم على الشقَين بإتهام واحد، لافتا الى أن "جنوحها الأخير ناجم عن الضغط اليهودي والإبتعاد عن الإتحاد الأوروبي وما خلفته تداعيات الإنسحاب من هذا الإتحاد. وفي العادة، غالبًا ما تنجح السياسة الخارجيّة في تماهيها مع الموقف الأميركي، كما يحصل الآن، على خلفيّة المفهوم الانكلوساكسوني الذي يربط الولايات المتحدة بالسياسة الخارجية مع بريطانيا".
واعتبر الخازن في حديث لـ"النشرة" أن "باب الفساد هو الحدّ الفاصل بين الماضي والحاضر، فإذا ظلّ هذا الباب مفتوحًا كما يحصل الآن، فقد نغرق في متاهات لا تنتهي وتنصرف الحكومة عن معالجة الأوضاع الإقتصاديّة والمعيشيّة"، لافتا الى ان "السجال الذي بدأ منذ الجلسة الأولى للحكومة يعطي صورة عن فتح أبواب جهنم بين فريقين، هما تحديدًا حزب الله وفريق المستقبل". وتساءل: "ما الفائدة من إضاعة الوقت في الأخطاء المتبادلة ما دام الذي ضرب ضرب وهرب. المهم البدء من أخذ العِبَر ووضع إجراءات مشدّدة لنثبت أننا جديّون في التخلّص من آثار الماضي التي رتّبت دَيْنًا كبيرًا على الدولة، مِمّا جعلها تلجأ إلى مؤتمرات أشبه بالإستجداء كمؤتمر "سيدر" لتنقذ الوضع من الغرق الذي وصل إلى قعر الهاوية".
ورأى الخازن أنه "لا بأس إن إستُدعِيَ أحد المسؤولين للتحقيق، فليس بالضرورة أن يكون متهمًا. فها إن الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي قد إستُدعِيَ للتحقيق لـ18 ساعة متواصلة ولم يعترض أو يتغيّب"، مشددا على انه "في حال لم تنجح حلقة رؤساء الجمهوريّة العماد ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري في دفع عجلة "القضاء" للمحاسبة خلال ثلاثة شهور، فعبثًا نبحث عن "سيدر" ومؤتمرات أخرى لمساعدتنا. فالفساد لا دين له ولا لون، لأنه عدو الناس وهو لا يرحم لأنه بلا روح أو قلب".
وردا على سؤال، اشار الخازن الى أن "التوظيفات الأخيرة، والتي قاربت الخمسة عشر ألفًا بعدما أغلقت الحكومة السابقة باب التوظيف لوقف سياسة التنفيع والهدر، أثبتت أن لا سبيل إلى الإستمرار في سياسة التوظيف العشوائي وأن لا بد من الإلتزام بالمؤسسات الرسمية التي ترعى هذه الشؤون والحاجة إليها كالخدمة المدنية وسائر دوائر المراقبة في الدولة". وقال: "في وزارة الشؤون الإجتماعية شغورًا بـ46% على سبيل المثال لا الحصر، فهل نذهب إلى أماكن غير شاغرة لنملأها بالمحاسيب وليس بالحاجة إليها"؟!.
وتطرق الخازن لملف النازحين السوريين، فاعتبر أنه "ما دام المجتمع الدولي غير متحمّس لحل مشكلة النازحين لإعتبارات تتعلّق بخطر لجوئهم إلى بلاد أوروبية، فلا بد للبنان ألاّ يقف مكتوف اليدَين"، منوها بما "قام به رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل من خلال جولات خارجية ومناشدات دولية مع مَن إلتقاهم في هذا السبيل لدى زياراتهم إلى لبنان، من دعوة إلى فصل الحل السياسي عن هذه القضية وجعلها قائمة بحد ذاتها"، وأضاف: "وهو ما أكّد عليه غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في زيارته الأخيرة إلى القصر الجمهوري عندما أعلن تأييده لموقف رئيس البلاد الحثيث، للمباشرة بحل منفرد بعيدا عن المصالح الخارجيّة التي تتوخّى حماية مصالحها قبل أي شيء".
ورأى الخازن انه لا بد من "متابعة المبادرة الروسية التي تحظى بتأييد رئيس الحكومة الشيخ سعد الحريري ومتابعة متواصلة من مستشاره جورج شعبان الذي قطع أشواطًا في هذا السبيل". وقال: "كما أعتقد بوجوب فصل الفريق المعادي للنظام موقفه السلبي من التعاطي مع المسؤولين السوريين عن حل هذه العقدة، لإنقاذ الوضع اللبناني من الغرق شيئًا فشيئًا في المخاطرة بموضوع النزوح مثلما حصل يوم لجأ الفلسطينيون سنة 1948 إلى لبنان وإعتقدوا أنها مسألة أيام ويعودون إلى ربوعهم، إلاّ أنهم ما زالوا مخيّمين فيه منذ أكثر من 71 عامًا".