يحار الفرقاء اللبنانيون في كيفية إسترضاء قواعدهم الشعبية وخصوصاً بعد شد عصب الطائفية ووعود انتخابية وصفت بالدسمة وشكلت دفعاً قوياً لفوز معظم اللوائح الرئيسية لقوى السلطة وخصوصاً لتلك الأحزاب الإيديولوجية المرتبطة بفكرٍ عقائدي يخول القائد تحديد المصير.
شكلت المطالب الإنمائية الخدماتية هاجساً لدى بعض القوى السياسية حيث انها لم تكن لها فرصة الفوز في الإنتخابات النيابية الأخيرة بدون معاهدة جماهيرها الغفيرة بتأمين الخدمات المطلوبة وتنفيذ انماءٍ حقيقي لا سيما في مناطق الأطراف المعروفة بالأكثر حرماناً.
إقرأ أيضًا: بين المجتمع الديني والدولة المدنية.....زواجٌ يحقق العدالة الإجتماعية
كان هذا الهاجس يلاحق تلك القوى، فهي تارةً لا تريد اصلاً تقديم المشاريع الانمائية الخدماتية نظراً لديمغرافية تلك المناطق التي تشكل بيئة حاضنة داخل جسدها لا تستطيع التفريط بها والتخلي عنها، وتارةً اخرى تريد ان تبقى محافظةً على مصداقيتها لانها تعلم جيداً أن أي معركة إنتخابية قادمة لن تكون كسابقاتها ان كان على الصعيد البلدي أو النيابي.
إقرأ أيضًا: حزب الله يهرب من وعوده الإنتخابية عبر إستهداف السنيورة
لذا ارتأت معظم تلك الأحزاب السلطوية أنها امام خيارين لا ثالث لهما، إمّا الاقرار بالفشل من مبدأ أن الاعتراف بالخطأ فضيلة، وإمّا اعطاء المناصرين جرعة تخديرية مختلفة عن سابقاتها تتمثل بوعودٍ جديدة ولكن من مناظير وهمية أقرب منها إلى الخيال من الواقع وتتمثل بمحاربة الفساد.
تقف معظم الأطراف الحكومية اليوم حائرةً امام المشهد المعقد للسياسة الداخلية نظراً للتحالفات المتناقضة وفقاً للمصالح، وتعتمد تلك الأطراف من خلال قراءتها الضيقة ومنظورها الخاص رؤيةً مظلمة لمكافحة الفساد، فهي حتماً تعتبر أن لا فاسد اليوم الا من نختلف معه في السياسة متخذةً المقولة الجاهلية "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" مثلاً يحتذى به.