في المعلومات، انّ اللقاء الذي جمع الحريري وميقاتي، أدّى الى تفاهم على الخطوط العريضة للانتخابات الفرعية، وعلى رغم من أنّ الحريري استبق ميقاتي بإعادة ترشيح جمالي، فالقرار الميقاتي الضمني والمُعلن هو عدم خوض الانتخابات الفرعية ترشيحاً، لا بل دعم مرشح تيار «المستقبل»، مع إبداء ملاحظات حول المرشح، وقدرته على تحقيق فوز صريح، وما اذا كان في الإمكان تقديم ترشيح مختلف، يحقق هذا الهدف.
تنطلق حسابات ميقاتي في الانتخابات الفرعية من التفاهم الذي حصل بينه وبين الحريري، ومن طموح الى ان يُترجم الى عمل إنمائي تحتاجه طرابلس بعد طول إهمال وتعطيل، وبعد مناكفات «كربجت» انطلاقة هذا الانماء في بلدية طرابلس.
هذا الانماء (الاسواق، المرفأ، المعرض، البنية التحتية) يتقدّم على كل الاولويات في نظر ميقاتي. فنائب بالزائد أو بالناقص لن يفيد شيئاً في حال عادت طرابلس الى اجواء الانتخابات من باب المواجهة، لا بل انّ هذه المواجهة ستؤدي الى الإضرار بمصلحة طرابلس.
أما في الحسابات العملية، فإنّ الانتخابات الفرعية تختلف عن الانتخابات العامة على اساس الدائرة الموسعة. فلقد نالت لائحة ميقاتي الرقم الأعلى في الصوت التفضيلي، ونال هو شخصياً أعلى نسبة من هذه الأصوات، وهذا ربما لن يكون متيّسراً في هذه الانتخابات الفرعية، لأنّ ميقاتي ليس المرشح، وبالتالي سيتطلب الامر جهداً لتجيير أعلى نسبة من الاصوات للمرشح الذي سيؤيّده (مرشح «المستقبل») مع عدم تجاهل ان العبء الاكبر في المعركة سيكون على الحريري وحضوره الشخصي في طرابلس وعمل ماكينة «المستقبل» لحشد الدعم للمرشح او المرشحين، اذا ما استقال النائب محمد كبارة ورشّح نجله كريم.
في حسابات ميقاتي انّ التفاهم مع الحريري ثابت، لكن هل يمكن ان يحجب هذا التفاهم احتمال الدعوة الى التوافق في الانتخابات الفرعية، على مرشح تيار «المستقبل»، اذا ما توافرت المستلزمات السياسية لهذا التوافق؟ وهل انّ مسعى من هذا النوع له فرصة الحد الادنى، أم أنّ المعركة حاصلة لا محالة؟
لا تبدو في الافق معالم مبادرة في هذا الاتجاه. فالاطراف الاساسيون لم يحددوا موقفهم بعد، والمعني هنا اللواء أشرف ريفي، والنائب فيصل كرامي الذي يمثل خط 8 آذار في المدينة.
في ما يتعلق بريفي، فهو يستعد للتعامل مع هذه الانتخابات بجدية كبيرة، وهو بدأ مشاوراته مع قاعدته الشعبية، لاتخاذ القرار الذي لن يتأخّر، واحتمال خوضه المعركة قائم، وهذا الاحتمال سيعني أنّ منافسة كبيرة ستحصل في صناديق طرابلس وستؤدي إلى ترسيم الأحجام أياً كان الفائز في الانتخابات.
أما كرامي، فلا وضوح بعد في قراره، علماً أنّ هذه المعركة تستلزم من جميع الاطراف استعدادات لوجستية ومالية كبيرة، وتحالفات ضرورية، في اعتبارها معركة تُعيد رسم توازنات القوة في طرابلس، بعد اختبار الانتخابات العامة للدائرة الموسعة، علماً أنّ كرامي لن يتخذ قراره إلاّ بعد التشاور مع حلفائه وعلى رأسهم «حزب الله»، المعني بتثبيت نتائج النواب السنّة، خصوصاً في دائرة طرابلس ذات الغالبية السنّية.