متابعو أوضاع هذه الوزارة يتحدثون عن مجموعة ملفات ساخنة تابعها حماده عن قرب وتطلبت منه جهوداً كبيرة، وأبرزها اثنان: ملف الجامعة اللبنانية، وملف الشهادات المزورة التي روّجتها بعض الجامعات الخاصة في مقابل مبالغ مالية باهظة.
ففضيحة الشهادات المزورة التي كشفتها أجهزة عسكرية قبل أشهر، وهي شهادات صادرة عن بعض الجامعات الخاصة مقابل بدلات مالية، وعدد المستفيدين منها بالمئات، خطورتها ليس فقط كونها مزورة بل في أنها تضرب صدقية التعليم العالي في لبنان، وهو ما جعل الجامعة الاميركية والجامعة اليسوعية تنسحبان من «رابطة الجامعات اللبنانية» في نوع من الاحتجاج على تجارة الشهادات هذه وعلى غياب رقابة جدّية على مستوى التعليم العالي.
وعلى رغم من أنّ القضاء وضع يده على الملف واستدعى بعض المشتبه بهم الى التحقيق، فإنّ أي قرار لم يتخذ لكشف حقيقة هذا الملف ومن يقف وراءه وما هو حجمه. كذلك لا شيء يضمن عدم تكرار التزوير في غياب آليّات مراقبة وإشراف فعالة.
ووزارة التربية معنية مباشرة بهذا الموضوع، ليس فقط من باب إشرافها على التعليم العالي في لبنان، بل لأنّ هذه الشهادات المزوّرة صادقت عليها لجنة المعادلات في الوزارة لإضفاء طابع الصدقية عليها. فكيف يمكن لشهادة مزورة أن تحظى بختم مصادقة وزارة التربية على أنها شهادة صحيحة وشرعية؟
واستغربت مصادر تربوية عدم انسحاب الجامعة اللبنانية من مجلس التعليم العالي أسوة بالجامعتين الاميركية واليسوعية، خاصة انّ رئيسها يشارك في لجنة التعليم العالي بصفته رئيساً للجامعة الوطنية، لاسيما أنّ الجامعة متمثلة أيضاً في لجنة المعادلات.
وهذا الموضوع تعتبره المصادر بمثابة «قنبلة موقوتة» يصعب التعاطي معها، وأنّ تشظّيه كبير سواء انفجر أم لا، وأنّ سعي البعض للتغطية عليه يهدّد مستوى التعليم العالي في لبنان وسمعة الجامعات اللبنانية.
و»القنبلة الموقوتة» الثانية هي ملف الجامعة اللبنانية. وهذا الملف يتحدث عنه الاعلام يومياً منذ مدة، ولم يعد سراً أنّ أطرافاً سياسية وطائفية تعتبر نفسها مغبونة في تعيينات الجامعة وفي التعاقد مع الاساتذة والموظفين وفي تجهيزات الكليات والمجمعات، وتتحدث عن ضرب الميثاقية في هذه المؤسسة الوطنية وعن منحى طائفي معتمد بعيداً عن الاسس الاكاديمية والوطنية، ليس أقله تعيينات مدراء فروع الكليات وتوزّع مناصب الموظفين في الادارة المركزية، فضلاً عن تراجع الأداء الاداري العام فيها و»تطييف» بعض الفروع.
وتشير المصادر الى أنّ رؤساء الجامعة الذين توالوا على هذا المنصب سابقاً أحسنوا ادارة الجامعة بشكل توافقي، بحيث انّ أي طرف لم يشعر بالغبن أو بالتحامل عليه أو باعتباطية القرارات كما يحصل الآن، وبدأت الشكاوى تزداد على رئيس الجامعة الدكتور فؤاد ايوب.
وقد تلقى حماده، خلال تولّيه الوزارة، كثيراً من الشكاوى عن ممارسات في الجامعة اللبنانية، واضطر الى التدخل شخصياً في بعض المرات لتهدئة الامور.
لذلك، يبدو أنّ شهيّب سينكبّ على دراسة ملف الجامعة اللبنانية كي لا يزداد الامر سوءاً، لاسيما انّ هناك استحقاقاً ملحّاً وهو تعيين عمداء جدد للكليات بعدما انتهت مدة العمداء الحاليين منذ أشهر، ووجود عدد كبير منهم بالتكليف، وهذا يفترض أن يتم في مجلس الوزراء بأسرع وقت من أجل استتباب الامور القانونية في الجامعة، وإعادة تكوين مجلس جامعة نشيط بالنظر الى الوهن الذي أصاب المجلس الحالي.
وفي السياق تبقى ملفات أخرى كثيرة عالقة في وزارة التربية، كملف المرشّحين للتفرّغ في الجامعة اللبنانية، وملف المتعاقدين للتدريس في مراحل التعليم الرسمي وغيرها. لكنّ هذه الملفات تحتاج الى تأمين الاموال والى توافق سياسي عليها، وهو ما لا يبدو في الأفق في الوقت الراهن.