كنا ومازلنا ندين السلطة السياسية كونها الجهة المسؤولة عن البلاد والعباد ولم نلتفت بشكل كبير للشعب كونه مصدر السلطات وهو الذي يفوض من ينوب عنه في ممارسة السلطة وادارة الشأن العام بما يحقق رغبات وتطلعات الناس نحو بيئة سليمة من الأمن الى الاقتصاد.
حملنا كثيراً على الحكومات المتعاقبة والمتكررة والمنسوخة بناسخة سياسية طائفية طبق الأصل دون تعديل أو تحريف في الرسوم المتحركة للشخصيات المناسية لأدوار مطلوبة بمقاييس خاصة تحددها الجهة القائدة في هذا الاطار أو ذلك أو في هذه العلبة أو تلك من عٌلبنا الطائفية.
وتناسينا سهواً أو عن غير قصد مسؤولية الناس في اختياراتهم وفي مواقفهم وفي عصبيتهم المستعدة للموت دوماً دفاعاً عن غير مصالحها المباشرة.
يتلهى اللبنانيون بما يسوقه الاعلام الموجه من مواد سامة لتسميم أجواء اللبنانيين وتجعلهم متعلقين بمواضيع لا تفيد مجتمعاً كالمجتمع اللبناني المأزوم والممروض والعاطل عن العمل من حديث جهابذة اعلاميين عن المثليين وعن عيوب مختبئة في الزواريب وعن الزواج العرفي والمدني وإدخال المساجد واقحام الكنائس في أجواء غير عبادية لصالح تشنجات وتعصبات منحازة لمقدس من صنع التاريخ ضدّ تحولات جديدة في فهم الحياة والعلاقات الزوجية والأسرية.
إقرأ أيضًا: التيّار الحرّ بيحكي سوري - روسي
ينقسم اللبنانيون سريعاً بين مؤيد ومرحب لأي عمل مبتذل أو ملوث بلوثة الدعاية السامة لوضع غشاوة على أعين اللبنانيين كيّ لا يبصروا أنفسهم فيتذكرون أمراضهم وأوضاعهم الصعبة من الماء الى الكهرباء الى الاستشفاء الى التعليم الى فرص العمل.
ماذا يضر الجهابذة الاعلاميين القدماء أو الجدد لو أنهم اهتموا أكثر بمواضيع حية مرتبطة بحياة الناس؟
ماذا يضر القنوات المحلية لو انها بثت برامج مختصة بحقوق المواطنيين؟
أكثر القنوات المحلية متفرغة للأخبار الموجهة حسب الطلب وللعروضات الجنسية من بذاءة اللسان الى العروض الفاضحة الى النكات التي تستحي منها الأحجار بغرض جذب المشاهدين المرتاحين جداً لنشراتهم الاخبارية والتي تحرضهم جيداً وتأخذهم ذات اليمين وذات الشمال ساعة تشاء وتلبية أو دون تلبية كونها قد أصبحت متمرسة في أعمال السيرك السياسي.
لا اكتراث لموضوع الطبابة رغم أن معظم الناس في لبنان يعانون من أمراض مزمنة وأكثرهم خارج الضمان الصحي رغم أن من أولى الأولويات حق كل موطن لبناني بالاستشفاء وبالبطاقة الصحية وأن لا يخضع لتدابير الوزارة المختصة ولادارة المستشفيات لأن هذا ما يضع أناساً خارج الخدمة الطبية نتيجة ظروف لا علاقة للمواطن بها.
إقرأ أيضًا: ماذا لو بدأت الحكومة من الضاحية؟
تندهش من الناس المغلوب على أمرهم حين يتحمسون لوزير أو لوزارة محسوبة على هويتهم السياسية أو الطائفية وهم في بعضهم نيام على أبواب المسؤولين لتحصيل واسطة دخول الى المستشفى ان تمكن المسؤولون من ذلك لكثرة الضغط أحياناً وقلة الحيلة أحياناً ونتيجة للاستنسابية في أحايين كثيرة.
لا أعرف لماذا يصفق الناس لقاتلهم؟ ولماذا يدعون بالخير لعدوهم؟
من وجهة نظر اسلامية يسمى هؤلاء المصفقون والداعون للخير من أهل الاستضعاف أي أنهم استضعفوا أنفسهم والقرآن الكريم يدين هذا النوع من المستضعفين، لهذا هناك دعوة قرآنية مفتوحة كيّ يكون المؤمن قوياً غير مستضعف حتى لا تنتهك حرمته.
يبدو أن التعاليم تسرُ ولكن التجربة تميت القلب لذا حبذا لو يستفيق الشعب ولو لمرة واحدة من أجل مصالحه لا من أجل مصالح السادة والأخيار والنجباء من حضر الطوائف ممن ينعمون بالكلأ والماء لا في الصحراء القديمة بل في جنة السلطة التي تتوفر فيها أكثر مما وعد الله المؤمنيين في دار الأخرة.