حصد الرئيس سعد الحريري في لقاءاته مع القادة العرب والأوروبيين الذين اجتمعوا لأول مرّة في قمّة شرم الشيخ، التزامهم بدعم لبنان في كل المجالات، لكي يتجاوز أزماته الداخلية، شرط أن يحسن الاستفادة من هذا الدعم، ولا يعمد كما في كل مرّة إلى «تضييع» الفرص.
وسمع الرئيس الحريري من القادة العرب والأوروبيين الذين التقاهم على هامش قمّة شرم الشيخ، كل كلام إيجابي في الشأن اللبناني مشفوعاً بنصائح هؤلاء القادة للبنان لكي يستفيد من هذا الدعم ولتعمل جميع مكوناته بالتضامن والتكافل على النهوض ببلدهم، وتجاوز كل خلافاتهم الداخلية وتناقض مصالحهم، وذلك وفق ما عبّر عنه الرئيس الحريري في أجوبته على الأسئلة التي طرحتها عليه وسائل الإعلام التي كانت تغطي وقائع القمة العربية - الأوروبية.
وها هو الرئيس الحريري يعود إلى بيروت، مثقلاً بنصائح القادة العرب والأوروبيين، الداعية إلى ضرورة البدء بعلمية إصلاحات شاملة في بنية الدولة كلها، حتى يستعيد ثقة العالم به وترجمة الوعود التي قطعوها له في عدّة مؤتمرات عقدت لأجله خطوات عملية، ولا سيما على صعيد الاستثمار فيه أو على صعيد مـدّه بالمساعدات المالية لإصلاح بناه التحتية وغيرها من الإصلاحات البنيوية، وذلك وسط مخاوف الكثيرين من أن لا ينجح الرئيس الحريري في الاستجابة لهذه النصائح في ظل الانقسام الداخلي الذي عبّر عن نفسه في أول جلسة عقدها مجلس الوزراء بعد تأليف حكومة «هيا إلى العمل»، وهذا من شأنه أن يُخفّف من زخم انطلاقة الحكومة ومن الآمال التي علقها الشعب اللبناني عليها بالرغم من يأسه التام من الطبقة السياسية التي تدير شؤون الدولة منذ فترة طويلة.
فالرئيس الحريري الذي عبّر للقادة العرب والأوروبيين الذين التقاهم في قمّة شرم الشيخ عن استعداد حكومته لإعادة النظر في الأساليب المعتمدة في إدارة الحكم في لبنان بما يتلاءم مع متطلبات العصر وما يحمله من تحديات، يعرف تماماً مدى صعوبة الوصول إلى مثل هذه الأهداف النبيلة التي من شأنها أن تنقذ لبنان وتضعه في مصاف الدول المتقدمة وذلك في ظل الانقسام داخل مجلس الوزراء الذي عبّر عن نفسه في أول جلسة عقدتها حكومة «هيا إلى العمل» عندما أثير ملف اللاجئين السوريين في لبنان وآلية عودتهم إلى بلادهم، وكيف أن البعض ومنهم فريق رئيس الجمهورية، يريد استغلال هذا الملف لإعادة تطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد الذي كشفت مقررات القمة العربية - الأوروبية انه لا يزال غير مُعترف به، بانتظار تنفيذ مقررات جنيف والأمم المتحدة بالنسبة الى إعادة تكوين الدولة في سوريا، فهل يستطيع الرئيس الحريري أن يفي بكل وعوده الإصلاحية للمجتمع العربي والأوروبي في ظل هذه الانقسامات العامودية داخل الحكومة، بصرف النظر عن تفاؤله الشخصي بإمكان تجاوز هذا الانقسام في حال توحدت أهداف الجميع، وهذا يبدو حتى الآن من المستحيلات؟.