كالنار في الهشيم خطفت استقالة جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني الأضواء في العالم وبعد ولاية استمرت 67 شهرا تخللتها استقالات سابقة لم يتم الإعلان عنها، قال ظريف كلمته وقرر مصيره عبر جمل قصيرة معبرة بعد استقباله سفير الهند الجديد لدى طهران وبعد مضي ساعتين على قدوم الرئيس السوري بشار الأسد إلى طهران قدم استقالته للرئيس روحاني.
وهناك شائعات تفيد بأن سبب استقالة ظريف كان امتعاضه لعدم اطلاعه عن زيارة الرئيس السوري إلى طهران. وما يقوي تلك الشائعات هو عدم تواجد الوزير ظريف لدى استقبال المرشد الإيراني الرئيس السوري ولا خلال لقاء الأخير الرئيس روحاني.
ولكن بالتأكيد هذه السرية المخيمة على أجواء زيارة الاسد لطهران ليس هو السبب الرئيس، حيث ان بشار الأسد لم يخرج طيلة السنوات الستة الماضية من بلاده الا مرة او مرتين نظرا للاجواء الحربية السائدة في بلاده ومن الطبيعي جدا أن تتم هكذا زيارة بشكل سري جدا.
ان استقالة ظريف لها جذور في سنوات الخمس الماضية ويبدو أن ظريف ضاق به ذرعا بعد هجمات شنها عليه المحافظون منذ بداية مهامه في وزارة الخارجية وخلال المفاوضات النووية.
اقرا ايضا : إستقالة ظريف، تبرئة دبلوماسية من هفوات الحرس أم تأشيرة دخول لصيف ساخن !!!
وبالرغم من أن الاتفاق النووي قد ترك آثارا إيجابية للغاية في عهد الرئيس أوباما إلا أن الموقف المعادي الذي أبداه المخافظون المتشددون في إيران لم يتغير تجاه ذاك الاتفاق لا في عهد أوباما ولا في عهد خلفه ترامب، إلا أن مجيئ الأخير وانسحابه من الاتفاق النووي وإعادته أقسى العقوبات الممكنة ضد إيران فتح الباب على مصراعيه أمام المتشددين للهجوم على حكومة روحاني ووزير خارجيته بشكل خاص، وكأنهما كانا يعرفان بأن الرئيس المقبل الأمريكي سينسحب عن الاتفاق النووي ويضرب به عرض الحائط ويعيد العقوبات.
وحمّل المحافظون المتشددون مسؤولية خروقات الرئيس الامريكي وتداعيات العقوبات الاميركية من الغلاء والتضخم والركود ونقص السلع الأساسية على الرئيس روحاني وليس على الشيطان الأكبر.
ان استقالة ظريف تنبئ عن احداث خطيرة يمكن توقعها من الآن فصاعدا ومنها انسحاب إيران عن الاتفاق النووي ورفض باقي اللوائح المتصلة به.
مما يعني أن إيران ستصدم العالم بقراراتها المختلفة التي ليس فيها بصمة للمرونة البطولية التي اتخذها المرشد الإيراني آية الله خامنئي في العام 2013 كاستراتيجية النظام خلال المفاوضات النووية.
ان استقالة ظريف عنوان لمرحلة جديدة في تاريخ إيران المعاصرة وربما سيضظر الرئيس روحاني إلى الاستقالة بفعل ضغوط المتشددين.
ان المتشددين في طهران وتل ابيب. وواشنطن والرياض فرحون باستقالة الوزير المعتدل جواد ظريف الذي أجاد عمله الدبلوماسي وتمكن من إبعاد شبح الحرب عن المنطقة قدر المستطاع ولكن صوت المطالبين بالحرب يفوق صوت المعتدلين في جميع العواصم المذكورة.