لفت رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، في كلمة له خلال القمة العربية- الأوروبية في شرم الشيخ، إلى أنّ "القمة الّتي تجمعنا اليوم ترتقي لأن تكون قاعدة لإعادة تأسيس الشراكة، وتحقّق مصالحة عميقة حول المفاهيم الّتي تجتمع حولها دولنا ومجتمعاتنا".
وركّز على "أنّنا شركاء في تعزيز ثقافة التعددية والحوار بين الحضارات وثقافة التعايش والتكامل بين الأديان. نحن شركاء في التعاون على حماية بلداننا من مخاطر الإرهاب والتطرف"، مبيّنًا "أنّنا شركاء في الحلول لمشكلات الهجرة وتداعياتها الإقتصادية والإجتماعية والأمنية، وشركاء في التبادل التجاري وأنشطة الإستثمار والافادة من خبرات شبابنا وشاباتنا في التحديث والتنمية". وأوضح "أنّنا شركاء أيضًا في التنسيق والتواصل الدائمين لتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط ورفع الظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني".
وأكّد الحريري "أنّنا في لبنان متمسّكون بالتعددية وننادي بحمايتها على جانبي المتوسط، لأنّ نقيضها هو التقوقع الّذي يؤدّي إلى التطرف والإرهاب. ونحن في لبنان متمسّكون بالإعتدال الّذي كان طريقنا في وجه الأزمات والإرهاب والفتنة والفوضى"، مركّزًا على "أنّنا ماضون في نضالنا للدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، وفي مسعانا لتحديث قوانيننا في هذا المجال".
ونوّه إلى "أنّنا في لبنان نستضيف ما يقارب مليوني نازح ولاجئ، معظمهم من النازحين الهاربين من سوريا"، مشيرًا إلى أنّ "هذه أزمة نضع كلّ إمكانيّاتنا لحلّها، وندعو إلى مضاعفة الجهود الدولية لتأمين عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، بصورة آمنة وكريمة، بما ينسجم مع المبادئ والقوانين الدولية وبما يكفل احترام سيادة الدول المضيفة وقوانينها".
وشدّد الحريري على "أنّنا نثمّن عاليًا المساعدات الأوروبية للدول المضيفة، وندعو إلى زيادتها، كما ندعو المجتمع الدولي إلى ادراك خطورة وقف تمويل وكالة "أونروا" وانعكاساته السلبية ليس على لبنان فحسب، بل على المنطقة برمتها".
كما أعلن أنّ "الاتحاد الأوروبي، كما الأشقاء العرب، كانوا دائما إلى جانب لبنان، لا سيما في المراحل المفصلية، وآخرها في "مؤتمر سيدر" حيث أكّدوا دعمهم لرؤية الحكومة اللبنانية للاستقرار والنمو وفرص العمل"، لافتًا إلى "أنّنا بدأنا تنفيذ هذه الرؤية، ومصمّمون على المضي قدمًا بالإصلاحات كافّة وتطوير القوانين وتحسين مناخ العمل. ونتطلع لأن تكونوا جميعا شركاء فعليين معنا، حكومات وقطاع خاص".
وبيّن أنّ "لبنان سيشهد بإذن الله في المرحلة المقبلة نهضة اقتصادية واستثمارية حقيقية، وأدعوكم جميعًا لزيارته والاطلاع عن كثب على الفرص الواعدة فيه". وتوجّه بالشكر والتقدير إلى "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وإلى مصر الشقيقة على استضافة هذه القمة العربية الأوروبية الأولى وعلى كرم الضيافة وحسن التنظيم"، منوّهًا بـ"جهود الإتحاد الأوروبي لترسيخ روابط الشراكة والحوار مع العالم العربي".
ورأى الحريري أنّه "ليس للتاريخ وجه واحد. بل وجوه عديدة ترسمها الأحداث والمتغيرات. وبين أوروبا والعالم العربي تاريخ تتشارك فيه الأقدار والصراعات والصداقات. تاريخ يحاكي أزمنة الحروب وتاريخ يزخر بصفحات التفاعل الحضاري والثقافي والإنساني"، مفيدًا بـ"أنّنا في لبنان، نرى في بلدنا نموذجًا متقدّمًا لهذا التفاعل بكلّ مضامينه الثقافية والتعددية والاقتصادية، ولطالما اعتبرنا نفسنا بوابة العرب على القارة الأوروبية، وبوابة أوروبا على العالم العربي، وهو دور نتطلّع لأن نلعبه دائمًا، وأن نكون علامة مميزة من علامات التكامل العربي الأوروبي".
وشدّد على أنّ "قدرنا كعرب وأوروبيين أن نلتقي وأن نكون شركاء. هذا ما تقوله الجغرافيا، وهذا ما كتبه التاريخ".