تتظهّر النتائج الايجابية للمصالحة المسيحية التي عقدها حزب “القوات اللبنانية” و”تيار المرده” بمباركة بكركي. ويشمل حصاد موسم التآخي التعاون في قضايا انمائية جوهرية بين المكوّنين وكسر الحواجز النفسية بين مناصريهما، في ظلّ تدفّق فيّاض للمياه بين سواقي بشري وزغرتا الزاوية والكورة. وعكست الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد من “القوات” الى بنشعي هذه المشهدية الايجابية، وفق ما يصوّره عضو “التكتل الوطني” النائب فريد هيكل الخازن من أجواء ايجابية. ويقول لـ”النهار”: “لم يبحث خلال المصالحة في أي برنامج سياسي مشترك بين الجهتين. أما اليوم فثمّة نية لتكريس ما أُنجز الى الآن على مستوى المصالحة، اذ ثمة أجواء ايجابية بين الفريقين، والنية حاضرة لايجاد أرضية مشتركة وتنظيم الخلافات السياسية في المسائل الاستراتيجية، من دون الدخول في التفاصيل حتى الساعة”. ويتطرّق الخازن، الحليف الأقرب للوزير سليمان فرنجيه، الى تفاصيل عن التواصل الأخير عقب الزيارة “القواتية”، مشيراً الى أنه “تم تناول الملفات الانمائية في منطقة الشمال والقضايا المشتركة بين بشري وزغرتا الزاوية والكورة، اذ ثمة قضايا انمائية ونزاعات عقارية تحتاج الى توافق مشترك، فضلاً عن التداول في الشؤون الانمائية العامة من كهرباء ومياه وطرقات. فتضافر الجهود مطلوب في ظلّ العولمة”. الرياح الدافئة باتت تلفح الأجواء المجتمعية أيضاً، ويضيف الخازن: “المناصرون تخطوا الماضي في الترجمة السياسية. المصالحة انعكست ايجاباً على الشارع المسيحي، ذلك أنها لم تتم لأهداف سلطوية، بل كانت ثمة حاجة لطيّ هذه الصفحة السوداء في تاريخ الموارنة”. ويتساءل: “هل ترافقت المصالحة مع ملاحظات من الفريقين حيال أداء الوزير جبران باسيل؟ نعم. وهل ترافقت مع فرنجيه وجعجع وهما مرشحان اساسيان في المرحلة المقبلة ويمكن أن تترجم في التعاون بينهما حول هذا الملف؟ نعم. لكن ذلك يبقى من باب التحليل راهناً”. ويعقّب رداً على سؤال عن التموضع المشترك في وجه “التيار الوطني الحرّ”: “الانزعاج كبير حول كيفية ادارة باسيل للشؤون السياسية. وهذا الاشمئزاز لا يطاول جعجع وفرنجيه فقط، بل الرئيس نبيه برّي والوزير وليد جنبلاط، وعدد كبير من القوى المستقلة في البرلمان. وهذا يمكن أن يشكّل حافزاً لبعض القوى السياسية للعمل على تصحيح الخلل”.
آفاق العلاقة المستقبلية بين فرنجيه وجعجع، يفتحها الخازن، لافتاً الى أنه “ربما ستحدث لقاءات مستقبلية بين الفريقين السياسيين، على مستوى جعجع – فرنجيه والقيادات الحزبية، وحصل لقاء بنشعي في هذا الإطار، مع العلم أنها ليست المرّة الأولى التي تزور فيها شخصية قواتية رفيعة المستوى بنشعي أو العكس”. ويرى أن “الأجواء الايجابية لا تعني التوصل الى تفاهمات، لكنها توحي بامكانية عالية للتعاون في ملفات مالية واقتصادية وادارية وتشريعية ووضع حدّ للفساد المستشري في البلد وحماية الطائف والنظام السياسي الديموقراطي التوافقي”.
ويبدو أن براعم الربيع السياسي بدأت تتجلّى باكراً أيضاً على المقلب “القواتيّ”، فـ”لا يوجد حرب جيدة وسلام بشع”… “وكل الذين يتقاتلون يتصالحون في النهاية”، وفق مقاربة النائب وهبة قاطيشا، الذي يقول لـ”النهار” إن “المصالحة نهائية وتاريخية وأراحت القواعد الشعبية على مستوى الوطن، اذ لا تصادم، بل بات المناصرون يجلسون سوياً ويتبادلون النكات ويتحدثون في السياسة كلّ من موقعه”. وفي رأيه، ان “الاجتماع مع المرده هدفه تثبيت المصالحة التي حصلت وصار عمرها 10 سنوات. في الفكر كل له معطياته، ولكن على الأرض نحن أبناء وطن واحد”، مؤكّداً “أننا نتقاطع جغرافياً، فعرين المردة زغرتا والدكتور جعجع من بشري. نحن في قضاءين متلاصقين. الانماء يشمل الطرفين من ناحية المال والجغرافيا والبيئة. المنطقة فيها وحدة جغرافيا، لذلك سيكون الانماء مشتركاً في هذا المجال”.
الكيمياء بين فرنجيه وجعجع حاضرة أيضاً. “ثمة ميزة لدى فرنجيه أنه رجل واضح وصريح، وجعجع لا يزيح عن مبدئه. الرجلان لن يختلفا مجددا، وقد يتباينان قليلاً في السياسة”، وفق قاطيشا، الذي يتساءل في اطار الاجابة عن التقاطع في وجه “التيار”: “باسيل مع مَن متصالح؟ صودف أن باسيل ضدّ كل العالم”. في المقاربة السياسية لتموضع “القوات”، يطرح قاطيشا عناوين واضحة وصريحة: “مبادئ القوات راسخة لقيام الدولة ومحاربة الفساد وهدر المال العام. لنفترض في ملف الكهرباء أننا كشفنا فساداً في الملف. اذا وقف المرده معنا “شو بدنا أحلى من هيك”. حزب الله وجنبلاط وبري وقفوا الى جانبنا أيضاً في الحكومة السابقة. ما يحدد علاقتنا في الاطراف الحكومية الحرب على الفساد وسيادة البلد”. بعبارة أخرى، يقول: “كلّ تقارب في أي ملف مع أي مكون سياسي لمحاربة الفساد نحن معه في خندق واحد، لكن ليس على السراء والضراء بل بحسب الملف”. ويخلص الى أن “في الحكومة الكثير من الملفات الكبيرة والصغيرة كملف الكهرباء وملف التوظيف غير القانوني الذي ندخل فيه وقصة الموازنة وتوظيفات أوجيرو. كلها ملفات فيها فساد أو مخالفة للقانون. سندخل فيها، ومَن يقف الى جانبنا أهلاً وسهلاً به”.