حقق رئيس حزب الجنرالات «مناعة لإسرائيل»، الفريق المتقاعد بيني غانتس، إنجازاً كبيراً في التنافس ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إذ تمكن من إقامة تحالف واسع مع رئيس حزب «يش عتيد» (يوجد مستقبل)، يائير لبيد، ومع من سبقه إلى رئاسة الأركان، الفريق المتقاعد، غابي أشكنازي، بعدما كان تحالف مع الفريق المتقاعد موشيه يعلون، رئيس الأركان الأسبق، ليشكلوا معاً قائمة مشتركة لخوض انتخابات الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) المقبلة.
جاء هذا التحالف بعد مفاوضات ماراثونية استمرت أياماً طويلة بلا نوم، مترافقة مع ضغوط شعبية وإعلامية وسياسية حزبية من كل الشغوفين لإسقاط نتنياهو. وانتهت هذه المحادثات ببيان، فجر أمس، اتضح منه أن غانتس اتفق مع لبيد على التناوب في رئاسة الحكومة بينهما، في حالة الفوز، غانتس يبدأها بسنتين ونصف السنة، ولبيد يحل محله في بقية الدورة (سنة ونصف السنة)، ويكون لبيد وزيراً للخارجية أولاً، ويحل محله غانتس لاحقاً. وتحمل القائمة اسم «إسرائيل قبل كل شيء». وجاء في البيان أن هذا التحالف تم «بدافع المسؤولية القومية، قرر غانتس ولبيد وموشي يعالون تشكيل قائمة موحدة، لتكون حزب السلطة الجديد في إسرائيل». وجاء أيضاً أن «حزب السلطة الجديد يضم قادة أمنيين واجتماعيين لضمان أمن الدولة، وتوحيد المجتمع الإسرائيلي المتمزق».
ولكيلا يظهر الحزب عسكرياً فقط، تم ضمّ رئيس اتحاد النقابات، آفي نيسانكورن، والنجمتين التلفزيونيتين، اليهودية ميكي حيموفتش (في المكان السابع في القائمة)، والعربية غدير مريح (في المرتبة الخامسة والعشرين)، والناشط الاجتماعي اليهودي الشرقي ميخائيل بيطون، ولكيلا يظهر يسارياً، تم ضم يوعز هندل وتسفي هاوزر، اللذين عملا في مكتب نتنياهو لعدة سنوات، أحدهما مستشار إعلامي، والثاني سكرتير حكومة.
وقد أثار نبأ هذا التحالف هلعاً وفزعاً في صفوف قيادة اليمين، ولدى نتنياهو نفسه، فبدأت جهود محمومة لتوحيد صفوف أحزاب اليمين كلها في قائمة واحدة، مقابل قائمة الجنرالات، لأن استطلاعات الرأي التي نشرت أول من أمس أشارت كلها إلى أن تحالفاً كهذا سيحصل على مقعد أو مقعدين أكثر من تحالف نتنياهو، ما يعني أن غانتس هو الذي سيكلف بتشكيل الحكومة. وعملوا تحت ضغوط متواصلة، إذ إنه لم تبق سوى ساعات حتى موعد إغلاق الباب أمام تسجيل القوائم (العاشرة ليلاً حسب توقيت القدس).
وراح قادة اليمين يهاجمون هذا التحالف، فقال حزب الليكود إن «الاختيار سيكون واضحاً بين حكومة يمين قوية، بقيادة نتنياهو، أو حكومة يسار ضعيفة، بقيادة غانتس ولبيد، تنسحب من الضفة الغربية وتجلب الإرهاب إلى إسرائيل». وقال نفتالي بنيت، رئيس حزب «اليمين الجديد»، إن هذا التحالف يجعل المعركة الانتخابية بين قوتين، قوة اليمين الذي يريد أن يمنع إقامة دولة فلسطينية على أرض إسرائيل، واليسار الذي يريد التفريط بأرض إسرائيل لصالح دولة إرهاب فلسطينية.
وأعلن زعيم حزب اليهود الشرقيين المتدينين «شاس»، وزير الداخلية أريه درعي، أن حزبه لن يتحالف مع غانتس، لأنه خطير على التقاليد الدينية لليهود، ومعه حليف أسوأ هو لبيد الذي يؤيد الزواج المدني ويكره المتدينين. وقال إننا نؤيد حكومة برئاسة نتنياهو فقط.
وقال حزب اليمين المتطرف «البيت اليهودي»، إن «حزب غانتس سيقبل خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإقامة دولة فلسطينية، لذلك يجب إقامة حكومة يمين قوية وذات قاعدة عريضة جداً لمنع هذا الخطر، والتوضيح لرئيس الديمقراطية في العالم، ترمب، أن هذا الرفض ليس ضده، بل هو تعبير عن إرادة الشعب في إسرائيل».
ويسعى نتنياهو إلى توحيد أحزاب اليمين، من أقصاها إلى أقصاها، بما في ذلك متطرفون عنيفون ممن لا يتورعون عن مهاجمة قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، وكذلك عنصر من حزب كهانا، المحظور بسبب نشاطه الإرهابي. وراح يحثهم: «انظروا كيف توحدت الأحزاب العربية في الانتخابات الماضية، فلماذا لا نفعل مثلهم؟». فهو يريد ألا يضيع أي صوت من معسكر اليمين ولو كان الثمن هو التحالف مع إرهابيين. ووعد نتنياهو حزب البيت اليهودي بتسليمه وزارة التعليم في حكومته القادمة، ومنحه عضو كنيست مضمون في المكان الثامن والعشرين في لائحة الليكود الانتخابية، إذا قبلوا بضمّ حزب «كهانا».
وقد أثار الأمر غضباً في صفوف يهود الولايات المتحدة، الذين يعرفون جيداً عن نشاط هذا الإرهاب؛ حيث إن «كهانا» بدأ حياته هناك، وقتل برصاص شاب فلسطيني في الولايات المتحدة. فأرسلوا إلى نتنياهو يحذرونه من خطوة كهذه. وقامت مجموعة «الليكوديين الجدد» داخل حزب الليكود، برفع دعوى إلى محكمة العدل العليا ضد الوعود التي قطعها نتنياهو على حساب «الليكود». وعلى إثر ذلك، أعلنت لجنة الانتخابات المركزية لنتنياهو أنها ترى في وعوده هذه عملاً غير قانوني ينطوي على شبهات بتقديم رشاوى انتخابية.
الجدير ذكره، أن «القائمة المشتركة»، التي تضم الأحزاب العربية الوطنية الأربعة، تفسخت. فمنذ شقّها النائب أحمد الطيبي، بسبب عدم التجاوب مع طلباته في زيادة تمثيله، وهي تتخبط فيما بينها حول طريقة خوض الانتخابات. وحتى مساء أمس كان الاتجاه أن تخوض الانتخابات في قائمتين؛ الطيبي والجبهة برئاسة أيمن عودة، مقابل حزبي التجمع برئاسة مطانس شحادة والحركة الإسلامية برئاسة منصور عباس. وحتى الدقيقة الأخيرة جرت محاولة لإعادة اللحمة لها كقائمة واحدة تضم الأحزاب الأربعة من جديد.