لا يثق 85 في المائة من اللبنانيين بسياسييهم. هذا ما تشير إليه نتيجة دراسة لـ«الدولية للمعلومات» قد لا تكون جديدة أو مختلفة عما نسمعه يوميا على ألسنة اللبنانيين، لكن للمفارقة أن هذا الأمر لا يترجم عمليا في صناديق الاقتراع وهو ما بدأ جليا في نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة العام الماضي، بحيث تم التجديد للطبقة السياسية من دون حصول تغيرات جذرية.
ووفق استطلاع الرأي الذي أجرته الشركة لعينة من اللبنانيين حول تقييمهم مستويات النزاهة والأخلاقيات لدى الأشخاص العاملين في مجالات مختلفة تبين أن السياسيين هم في المرتبة الأدنى، بحيث أن 85 في المائة من اللبنانيين يقيّمون مستويات النزاهة والأخلاقيات لدى السياسيين بـ«المتدنية والمتدنية جداً».
وتتّفق النائبة بولا يعقوبيان ممثلة المجتمع المدني الوحيدة في مجلس النواب والنائب في «حزب الكتائب» إلياس حنكش على أن هذا الاستطلاع يؤكد أن اللبناني يعرف جيدا سياسييه لكنه لا يزال مرتهناً لهم لأسباب مرتبطة بالدرجة الأولى بحاجته الدائمة لهم نتيجة عدم حصوله على حقوقه. وتوضح يعقوبيان لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «اللبنانيون يدركون جيدا أن المسؤولين يسرقونهم وكل جهة منهم ترمي المسؤولية على الأخرى متهمة إياها بالعرقلة، لكن للأسف ورغم ذلك تبقى الانتخابات تجديدا للزعيم الذي لا يقوم إلا بالصفقات منطلقا كذلك من سياسة فرٌّق تسد، وهو ما يدركه اللبنانيون لكنهم غير قادرين على الخروج منها».
بدوره، يرى حنكش الذي لم يتمثّل حزبه في البرلمان إلا بثلاثة نواب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذا التناقض بين آراء اللبنانيين ونتائج الانتخابات التي جدّدت للطبقة نفسها رغم أنها كانت فرصة للمحاسبة، هو أن السياسيين جردوا الناس من كل مقومات الصمود الاقتصادية والاجتماعية، وباتوا مرتهنين لهذه الطبقة وإعادة انتخابها للحصول على حقوقهم». ويضيف: «النائب في لبنان اليوم بات وسيطا بين الدولة والمواطن ويخدمه على حساب الدولة ليكون انتخابه هو البديل الذي يحصل عليه»، ويختصر الواقع بالقول: «لا شك أن الشعب اللبناني واع لهذا الواقع والاستطلاع خير دليل على ذلك لكنه في الوقت عينه يدرك أنه لا يمكنه أن يعيش إلا بمساعدة هذا النائب».
وفي مقارنة لأبرز النتائج بيّن الاستطلاع الذي أجرته الدولية للمعلومات واستطلاع شركة «غالوب» في الولايات المتحدة في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2018، يتبين أن أعضاء الكونغرس الأميركي صنفوا بأدنى درجة من النزاهة والأخلاقيات (56 في المائة) على غرار السياسيين في لبنان، مع فارق بالنسبة.
ولا يقتصر عدم الثقة على السياسيين، فالأطباء والقضاة والمحامون والمهندسون ومتعهدو البناء والإعلاميون هم أيضا موضع شك بالنسبة إلى المستطلعين اللبنانيين.
وفي قراءة لنتائج الاستطلاع التي شملت أيضا مهنا أخرى، يتبين أن 51 في المائة فقط من اللبنانيين يقيمون مستوى النزاهة والأخلاقيات لدى الأطباء بـ«العالي - والعالي جداً».
كذلك الأمر بالنسبة إلى المحامين والقضاة، حيث ذكرت فقط نسبة 38 في المائة و23 في المائة أن مستوى الأخلاقيات والنزاهة لدى المحامين والقضاة في لبنان «عال وعال جدا».
وذكرت نسبة 50 في المائة فقط من المستطلعين في لبنان أن المهندسين يتمتعون بنسبة عالية وعالية جداً من النزاهة والأخلاقيات مقابل 20 في المائة فقط لمتعهدي البناء.
أما بالنسبة للإعلاميين، فقد أظهر الاستطلاع أن نسبة 55 في المائة من المستطلعين تقيم مستوى النزاهة والأخلاقيات لدى هذه الفئة بالمتوسطة والمتدنية.
ويلي السياسيين الوكلاء العقاريون، حيث قيّم 59 في المائة من اللبنانيين مستوى النزاهة والأخلاقيات للعاملين في هذا المجال بـ«المتدني والمتدني جداً».
ويأتي العاملون في الشركات المالية كالبورصة في المرتبة الثالثة (47 في المائة)، يليهم رجال الدين (44 في المائة)، رجال الشرطة (36 في المائة)، رؤساء النقابات (36 في المائة)، متعهدو البناء (36 في المائة)، ورجال الأعمال (35 في المائة).
أما من أتوا في المستوى الأعلى من حيث النزاهة والأخلاقيات بالنسبة إلى اللبنانيين فهم، الصيادلة بنسبة (64 في المائة)، يليهم أساتذة الجامعات (62 في المائة)، ثم العمال غير المهرة كسائقي سيارات الأجرة، وعمال النظافة.
ويحتل الممرضون/الممرضات المرتبة الرابعة ضمن التصنيف الأعلى لمستويات النزاهة والأخلاقيات للعاملين في هذا المجال (59 في المائة)، يليهم معلمو ومعلمات المدارس (57 في المائة)، العمال المهرة (55 في المائة)، ثم الأطباء والطبيبات (51 في المائة).