الكلام كثير، والأفعال قليلة. أما “المتضررون” فإنهم لا يكتمون نقمتهم وغضبتهم كون الحكومة قد شُكّلَت، وتألَّفت، وها هي تنطلق لتشيح عن وجه لبنان ووجوه اللبنانيّين تلك الغيوم السوداء، والأيام الحالكة، وتأثيرات فتن القيل والقال…
كان لا بدَّ من هذه البداية في “نهاريات” اليوم، بعدما شرع المفتنون في توزيع البدائع والغرائب من الأخبار والتلفيقات: سيري فعين الله ترعاك.
القطار الاصلاحي انطلق بقوة ذاتية، مدعومة في الوقت نفسه دولياً وعربياً، وبرغبة في انقاذ لبنان من المحنة التي كادت أن تقضي على ما تبقَّى منه. المهم الآن أن تهدأ الخواطر، ويهدأ البال، وينصرف الناس والحكومة في الطليعة الى العمل والانتاج بأسلوب جديد. وبرغبة ثابتة في إنقاذ لبنان من الضائقة الخانقة التي أوصله المخربون اليها، وعن سابق تصوّر وتصميم.
لا تزال أيادي العديد من اللبنانيين على القلوب ولا يزال التردّد ممسكاً برغبات الأكثريَّة من التجار ورجال الأعمال، كما المؤسَّسات على اختلاف أنواعها. فالجميع في انتظار الحكومة، وما ستقدم عليه، والى أي مدى تبقى متماسكة من داخل، ومندفعة بقوة جماعية لا تهزها خلافات ومشاكسات لا تخلو من لعبة العصي في الدواليب.
لذلك نشدّد بدورنا على التعاون بين أعضاء “حكومة العمل”، والشروع السريع والفعَّال في حقل الانتاج، وعلى مختلف الصعد. وبانسجام بين الوزراء من شأنه تشجيع اللبنانيين المقيمين والمغتربين في المناطق القريبة أو البلدان النائية.
هذه الحكومة هي “القدوة” التي سينظرون إلى أفعالها والى لبنان والعودة بشيء من الطمأنينة والاندفاع والحماسة. مطلوب من الحكومة والوزراء أن يبرهنوا للناس أجمعين أنهم فعلاً يشكّلون حكومة صالحة، فعّالة، منتجة وبنّاءة، لا حكومة أقوال ولا أفعال، أو حكومة حكي وسباق على المنافع والمكاسب: في انتظار الأفعال، حيث يرن جرس التصفيق: برافو حكومة.
المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. واللبناني لُدِغ مراراً لا لكونه مؤمناً أو غير مؤمن، بل لأنه يريد ويرغب ويحبّ أن يرى لبنان وقد عاد الى شيء مما كانه، وفي الوقت ذاته لا ينسى اللبناني ما حصل وحدث وصار، حتى بدا لبنان سائباً لا حول له ولا قوة: كل مين يا رب نفسي. لا يختلف عن الغابة. لا سلطة، ولا من يردعون أو يحاسبون. سائبة فالتة وما من أحد راعيها.
حتى الآن تعتقد أكثريَّة اللبنانيّين أن الشعارات نادراً ما نُفّذت. مجرّد بالونات هواء. كذلك الوعود الكلامية والخطب الرنانة. لا أفعال. كلام في الهواء الطلق. الواقع يقول العكس. ويريك العكس. وينشر في كل الوسائل، والى كل البلدان والشعوب أن العكس هو الصحيح.
وليس في اليد حيلة. أمام “حكومة العمل” فرصة لتترجم الأقوال الى أفعال. وأمامها فرصة واسعة ونادرة لتجعل اللبنانيين يطمئنون ويرتاحون ويغنّون رجعت ليالي زمان، ولبنان زمان، ولبنانيو زمان…
لا شعارات بلا قرارات بعد اليوم. ولا قناعات قبل التنفيذ والانطلاق بلبنان جديد ويشبه ذاته وما كانه في زمن التهمته الحروب والأزمات المفتعلة.
هناك حلول دائماً إذا توافرت الإرادة.