أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال مداخلته في جلسة مجلس الوزراء أن "النأي بالنفس حسب مفهومنا هو عما يحصل في سوريا، وليس عن مليون ونصف مليون نازح سوري يعيشون في لبنان، ما ألحق تداعيات اقتصادية واجتماعية وانمائية وأمنية أثرت على أوضاعنا، خصوصا مع تلاحق الأزمات الاقتصادية الخارجية والداخلية التي أحاطت بنا"، مضيفا:"أتذكر قولا لنابوليون يقول فيه: السياسة ابنة التاريخ، والتاريخ ابن الجغرافيا، والجغرافيا ثابتة لا تتغير. وبالتالي، فإن أي بلد مجاور مثل سوريا، لا بد أن نقيم معه علاقة خاصة. من هنا، فإن علاقتنا بسوريا غير علاقتنا بتركيا أو إيران مثلا".
واكد عون أن "الدول الخارجية لا تريد أن تستضيف نازحين ولا تسمح لنا بأن نعيدهم إلى وطنهم. كيف يكون ذلك وبأي حق؟، وأنا لا أقبل بأي شيء يؤذي مصلحة لبنان ولقد استضفنا النازحين لأسباب إنسانية وتحملنا أكثر مما نستطيع أن نتحمل"، معتبرا انه "ما من دولة استقبلت نازحين مثلما استقبلنا، لا نستطيع أن نستمر هكذا. أنا أقول لكم وللبنانيين ما أفكر به، لقد أقسمت اليمين على الدستور وعلى المحافظة على السيادة والقوانين. ولا أقبل بأن يكون على أرض وطني هذا العدد الضخم من النازحين"، مشيرا الى إن "اللجوء السياسي يكون لمضطهدين في السياسة، وليس للهاربين من ويلات الحرب وبداعي الحاجات المفقودة، ومتى عاد الاستقرار فإن على هؤلاء أن يعودوا ولقد رحب الرئيس السوري بشار الأسد بالنازحين العائدين، وإني أتساءل كيف ننسق انتقال قرابة مليون ونصف مليون نازح من دون التواصل والتنسيق مع الدولة السورية؟".
وراى عون انه "كلما زارنا وفد أجنبي نسمع اطراء عن اهتمامنا بالنازحين إلى درجة أني قلت مرة لهم "رح نصير نحنا النازحين... ما بقا فينا نقعد ببلدنا وكل شبابنا عم يسافروا"، مضيفا: "أقول لمن يتحدث في موضوع النازحين أن بعضهم غير مدرك للنتائج التي تترتب عن استمرار بقاء النازحين على أرضنا. هذه مسؤوليتي كرئيس للدولة. أنا اقسمت اليمين بالمحافظة على الدستور ولا يمكنني أن أترك هذه المسألة ويقولون انتظروا الحل السياسي، فالقضية الفلسطينية مضى عليها 70 عاما ولا تزال من دون حل، القضية القبرصية مضى عليها 45 عاما ولا تزال هي أيضا من دون حل سياسي. وإذا لم ندرك هذه الحقائق اليوم، لا يمكن أن نواجه المستقبل"، مشيرا الى انهم "يقولون ان سوريا لا تريد عودة النازحين، وأنا أقول لكم انها تريد هذه العودة. لقد تمت حتى الآن عودة 156 ألف نازح سوري تأمنت لهم مساكن موقتة والمدارس لأطفالهم، ولبنان تلقى ضمانات سورية باستقبال النازحين على أرضهم عندما يعودون. اليوم، دول عدة، لا سيما الدول الكبرى تتواصل مع الدولة السورية ورئيسها، فلماذا لا يتواصل لبنان لحل أزمة مليون ونصف مليون نازح سوري على أرضه؟ "قاعدين ببيتي... شو بترك وبفل". الكل يقول بعودة النازحين، لكن متى وكيف؟ فلماذا تريدون أن يتحمل لبنان عبء النازحين؟ عندما بدأوا يتوافدون إلى بلدنا بأعداد كبيرة لم نضع حدودا لهم. الآن أصبحت كثافة النازحين غير مقبولة، والغرب - يا للأسف - يساعدهم حتى يبقوا في لبنان، فيما اللبناني يهاجر. المسألة ليست مرتبطة بسلامتهم أو امنهم، لأن الذين حملوا البنادق وأطلقوا النار على الجيش السوري تمت مصالحات بينهم وبين الدولة، فلماذا الخوف على أمن العائدين الذين لم يشتركوا في القتال؟".
وراى الرئيس عون انه "من المستغرب أن منظمات الأمم المتحدة تساعد النازحين الموجودين في لبنان، فلماذا لا تساعدهم في سوريا؟ طالما أنهم يتلقون المساعدات في لبنان ويعملون فيه فلن يغادروه. قضية النازحين ما فيي احملها على ضميري"، مؤكدا انه "عشت تحت الخطر وواجهت الموت، وهذا القصر بالذات تعرض للقصف وأنا في داخله. لقد قاتلت السوري وتحملت النفي 15 عاما من أجل وطني ومن أجل كل اللبنانيين. واليوم، ما زلت ملتزما النضال، دفاعا عن وطني وشعبي".
ولفت عون الى انه "على حدودنا الجنوبية، يقوم وطن قومي يهودي. وفي سوريا ثمة محاولة لإعطاء الأكراد وطن شرق الفرات، وهذا مثير للقلق، فما الذي يمنع من إيجاد ثغرات واستغلال النازحين لخلق مشاكل لنا في الداخل لاستكمال هكذا مشروع تقسيمي، خصوصا أن مجتمعنا التعددي نقيض لإسرائيل، فهل سيتحملوننا ونحن النقيض؟ هذا الموضوع خطير وأقولها للتاريخ. أنا وقفت مع وحدة وطني لبنان وأقول للتاريخ هذا الكلام لي ولكم".
وأشار الرئيس عون إلى "وجود اتصالات من دول عربية عدة لإعادة علاقاتها مع سوريا وثمة من يجري وساطات من أجل ذلك، فيما نحن مختلفون على مصلحة لبنان العليا. بعد الحرب العالمية الثانية، ركب الرئيس شارل ديغول الطائرة وذهب إلى المانيا واتفق مع اديناور على التعاون"، مضيفا "أنا أعرف مصلحة لبنان العليا، وأنا أحددها، فأنا في مركز المسؤولية وهذه صلاحياتي لأني الوحيد الذي أقسمت يمين الحفاظ على الدستور وقوانين الأمة وسلامة الأرض والشعب، وأرسيت توازنا وطنيا حتى نحقق الاستقرار ونعيد بناء لبنان من جديد. هذا هو مفهومي للمصلحة الوطنية العليا، وأنا مسؤول تجاه شعبي".