عاد الاهتمام الدبلوماسي بالوضع اللبناني الى وتيرته العالية ، فبعد المساعي الفرنسية والمصرية الداعمة للاسراع لتشكيل الحكومة الحريرية الجديدة ، بدأت زيارات عدد من المسؤولين العرب والاجانب الى لبنان تتوالى ، وكانت الزيارات الاولى لوزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف وامين عام جامعة الدول العربية احمد ابو الغيط والمبعوث السعودي نزار العلولا، وتتحدث بعض الاوساط الاعلامية عن زيارات اخرى لمسؤولين عرب واجانب في الاسابيع المقبلة ، فيما توالت العروض لتقديم الدعم للبنان واعلان السعودية عن السماح لرعاياها بالسفر للبنان ، كما وضع الفاتيكان لبنان على خريطة السياحة الدينية مما يسمح للحجاج بزيارة الاماكن المقدسة فيه.
فما سر عودة الاهتمام الدبلوماسي بلبنان ؟ وماذا عن التنافس العربي والدولي لدعم لبنان؟
الاستقرار ومواجهة الارهاب اولا
بداية لماذا الحرص العربي والاقليمي والدولي على الاهتمام بالوضع اللبناني؟
تقول مصادر دبلوماسية في بيروت : ان القوى العربية و الاقليمية والدولية لا تزال تبدي اهتماما كبيرا بالوضع اللبناني رغم تكاثر الملفات الاقليمية والازمات في المنطقة ، فلبنان يشكل بالنسبة للعديد من الدول العربية والاسلامية والغربية احدى ابرز الدول المهمة نظرا لموقعه الاستراتيجي والدور الذي يقوم به في مواجهة الارهاب ، اضافة لوجود مليون ونصف نازح سوري ولان لبنان احد ابرز الابواب الاساسية للدخول الى سوريا.
وتوضح المصادر : ان بعض الدول لعبت دورا اساسيا في التشجيع للاسراع بمعالجة الازمة الحكومية ، وان الفرنسيين والمصريين كانوا في مقدمة هذه الدول نظرا لاهمية الاستقرار في لبنان والحاجة لاستكمال الخطوات الاصلاحية ومنع لبنان من الانهيار الاقتصادي والمالي.
وتربط هذه المصادر بين هذه الجهود وبين الدور الذي لعبته فرنسا ومصر ابان ازمة احتجاز رئيس الحكومة سعد الحريري في السعودية قبل عام ونصف ، واضطراره لتقديم الاستقالة ، وكيف نجحت هاتان الدولتان في انقاذ الحريري واطلاق سراحه واعادة الامور الى نصابها.
وتعتبر المصادر: ان الاستقرار الامني والاقتصادي في لبنان يعتبر اولوية لدى العديد من الدول العربية والاقليمية والاجنبية ، وان لبنان يشكل احدى الساحات المهمة للتعاون في مواجهة الارهاب وضرب المجموعات المتطرفة ولذا تحرص معظم هذه الدول لتقديم المساعدات للاجهزة الامنية والجيش اللبناني وتبادل المعلومات والمعطيات حول هذه المجموعات ولمنع انتقالها الى مناطق اخرى.
التنافس في تقديم الدعم
والوجه الاخر للاهتمام العربي والاقليمي والدولي بلبنان يتم من خلال التنافس في تقديم الدعم الاقتصادي والمالي والعروض المختلفة لمساعدة لبنان ، فاضافة لمؤتمر سيدر الذي رعته فرنسا ومؤتمر دعم الجيش اللبناني والاجهزة الامنية والذي عقد في ايطاليا ، والاهتمام الغربي بدعم النازحين السوريين بلبنان ، جاء العرض الايراني لتقديم المساعدات في كافة المجالات ، وعاد الاهتمام السعودي بلبنان، اضافة للاهتمام المصري والاماراتي والتركي والقطري والروسي والصيني، وكل هذه الدول تسعى لتقديم مساعدات متنوعة وزيادة الاستثمار في لبنان.
وتشير المصادر الدبلوماسية في بيروت : ان هذا التنافس العربي والاقليمي والدولي بدعم لبنان ومساعدته نظرا لاهمية الدور اللبناني ، اضافة لبروز قطاع الغاز والنفط ولدور لبنان في الازمة السورية والصراع مع الكيان الصهيوني ، ولذا سيتزايد هذا التنافس في تقديم كافة اشكال الدعم حفاظا على الاستقرار ولمنع استفراد دولة دون اخرى بالوضع اللبناني ولمنع تحول لبنان ساحة لمحور دون اخر.
على ضوء هذه الاجواء تتوقع المصادر الدبلوماسية : ان يشهد لبنان في المرحلة المقبلة المزيد من الاهتمام والزيارت لمسؤولين عرب واقليميين واجانب ، اضافة لتقديم المزيد من العروض الخارجية للتعاون وتقديم المساعادت والقروض ، والمهم ان يلتقط المسؤولون اللبنانيون هذه الفرصة الجديدة لانقاذ لبنان والقيام بالاصلاحات المناسبة وخصوصا لمواجهة الفساد والاصلاح المالي ، كي لا نكون امام سلة مثقوبة وتضيع المساعدات مرة اخرى ولا يتم الاستفادة من هذه العروض لمعالجة الازمات المتفاقمة التي يعاني منها.
فهل يتحول لبنان لساحة للتعاون العربي والاقليمي والدولي ام سنكون امام ازمات اخرى تطيح بهذه الفرصة الايجابية الجديدة؟