كما في الثقة كذلك في الفساد، المُخرج والمنتج ومدير المسرح والممثلون الرئيسيون والثانويون هم ذاتهم، حتى السيناريو هو هو، وكذلك الجمهور الغفور المقهور، هو ذاته.
في الثقة، وكأن «حزب الله» كان يخشى الاّ يمنح علي عمّار الثقة لرفيق سلاحه محمد فنيش، أو كأن الرئيس سعد الحريري كان على اعصابه خوفاً من ديما جمالي لئلا تحجب ثقتها عن حكومته، أو كأن الوزير جبران باسيل لم ينم الليالي لأنه أمضاها في التساؤل هل سيصوّت نواب التيار الوطني الحر ضده، او لمصلحته ووزرائه العشرة ونصف، وكذلك الاستاذ وليد جنبلاط و«القوات اللبنانية» وسائر اعضاء الفرقة، وإن كانت درجت العادة على تسميتهم افرقاء، الا انهم في الواقع فرقة واحدة على مسرح واحد.
في الخلاصة، المجلس والحكومة وجهان لعملة واحدة. لا معارضة ولا من يحلَمون.
أُعدمت الديمقراطية باعدام المعارضة، ويحدثونك عن محاسبة ومساءلة.
من سيحاسب من؟
هل سيحاسب نعمة طعمة وائل ابو فاعور مثلاً، او هل سيحاسب عبد الرحيم مراد نجله حسن، وهل سيحاسب جورج عدوان غسان حاصباني؟
القوى المتحاصصة في الحكومة الجديدة منحت نفسها الثقة، وانطلقت الى العمل تحت شعار محاربة الفساد...
وهنا نعود الى السيناريو ذاته.
كلهم اعلنوا الحرب على الفساد، وكأنها حفلة مزاد. ولكن من سيحارب من؟
هل من شبّ على وضع اليد، والصفقات والسمسرات، والهدر والخوات، سيشيب اليوم على التوبة والغفران ومحاسبة الذات؟ وهل من بيتُه من زجاج سيرشق بيوت الناس بالحجارة؟
الفساد منظومة كاملة متكاملة تتخطى المبادئ والمناصب والمراكز والطوائف والمناطق والعقائد والسياسة، هو منظومة قابضة على الرقاب بسلاح العقاب لمن يكشف مستوراً فيصبح بين ليلة وضحاها فريسة مشهورة.
غداً ينتقمون ممن تجرّأ على رفض الخنوع والخضوع لسطوتهم ونفوذهم، ويلبسونه رداء الفساد، و«قبائل السوشل ميديا» جاهزة على سلاحها للبصم والشتم.
الفساد له اربابه واركانه وخبراؤه ورجاله وحماته وشبكاته وطرقه وزواريبه واصوله وفنونه.
الفساد ليس يتيماً حتماً.