لم يكن إتصال النائب ستريدا جعجع بالنائب نواف الموسوي وما دار بينهما من غزل سياسي هو الأول من نوعه بين الحزبين، فالتحية الأولى في هذه الفترة كانت من إصرار حزب الله في المشاورات التي سبقت تشكيل الحكومة على تمثيل القوات ورفض فكرة السير بأي تشكيلة من دونهم في حين أن "الحلفاء المفترضين كانوا لا يمانعون التخلي عنهم عند كل مفترق"، هذا فضلًا عن إشارات إيجابية كثيرة ليس أقلها التحالف المشترك في أكثر من انتخابات نقابية.
لا شك أن عوامل كثيرة قد تساهم بتدعيم هذا التقارب وتطويره بالرغم من وجود حواجز كبيرة، (ملف الدبلوماسيين الايرانيين الذين خُطفوا عام 1982 ولا تزال ايران تحمل القوات مسؤولية إختطافه، وتمنع بسببه حزب الله من الاقدام إلى مد جسور التقارب مع القوات).
إقرأ أيضًا: من يحارب فساد محاربي الفساد؟
يبقى القول أن تقاطع المصالح بينهما في هذه المرحلة هو أقوى بحيث يسمح لهما بتجاوز ملفات خلافية عميقة، فإذا افترضنا أن القوات هي أصلًا تتبع سياسة الانفتاح على كل الأطراف حتى ولو من موقع الإختلاف، يبقى السؤوال عن محفزات حزب الله للسير قدمًا في هذا المجال وهنا يمكن أن نذكر بعضها:
- ثنائية جبران - سعد القائمة أساسًا على التفرد والاستئثار على حساب حلفائهما وهذا ما بدا جليًا فسعد لم يراع حليف القوات في تشكيل الحكومة إن من حيث العدد أو من حيث الحقائب، وكذلك الحال بالنسبة لباسيل ورفضه توزير ممثل للتحالف السني خلافًا لرغبة الحزب.
- الجدية المعلنة من الحزبين بموضوع محاربة الفساد، وهذا يفرض على الطرفين نوع من التنسيق الإجباري.
إقرأ أيضًا: الاعتذار السياسي والاعتذار الثقافي
- نجاح القوات اللبنانية ببناء جسور ثقة مع أقطاب من المعارضة الشيعية، يحاول حزب الله قطع الطريق أمامها حتى لا يبنى عليها في القادم من الأيام والاستحقاقات بالخصوص في بعلبك الهرمل.
- حاجة حزب الله لإضفاء جو من الوحدة الوطنية حكوميًا ينسحب على الجو الشعبي يحتاجه على ضوء المؤشرات الدولية والإقليمية التي تتحدث عن حرب قاسية تسعى لها إسرائيل ومن ورائها أميركا كان قد أشار لها وزير خارجية إيران.
قد تكون هذه بعض العوامل التي "تدفش" الطرفين على نوع من انواع التحالف والتنسيق، وإن كنا هنا لا نخشى من تخلي القوات اللبنانية عن ثوابتها على غرار التيار الوطني الحر، ليبقى السؤال الكبير هو هل ستسمح إيران بتطوير هذا التقارب؟؟ لا أعتقد.