تُعتبر الكنيسة المسيحية الأكثر تشدداً ضد الزواج المدني فترفضة رفضاً قاطعاً وتفسر هذا الرفض بعدة أمور أبرزها عدم شرعية هذا الزواج بحيث انه لا يحتكم للشروط العامة للدين ، بالرغم من ذلك الرفض نجد بعض الاصوات المتمردة ضمن الكنيسة، فيعتبر الأب جورج مسّوح أن"الأصل في الزواج هو الحب القائم بين شخصين على صورة زواج المسيح في الكنيسة" كما ويؤكد ان الزواج كان يتم مدنياً بمباركة الاساقفة قبل القرن السابع عشر ، وفي وجهة نظرٍ مماثلة يعتبر الاب ميشال السبع أن "الزواج هو سر بين الله والمتزوجين ،الكاهن يشهد ويبارك ولكنه لا يعطى السر".
أخذ النكاح قبل الاسلام اشكالاً ، وعلى منوال ابتذال المرأة عند بعض العرب قبل الاسلام تعددت انكحتهم بين نكاح "بغي ومقت واستبضاع وبدل ومتعة" مما يؤكد ويُظهر لنا جلياً حجم استعباد المرأة واسترخاصها واستعمالها كسلعةٍ يُتعامل بها حتى أتى الاسلام ليقر الزواج الشرعي الموجود اصلاً ايام الجاهلية تحت مسمى "نكاح البعولة " وهذا الزواج ينشأ بالخطبة والمهر والعقد .
لقد احل الإسلام زواج المسلم بالمرأة الكتابية التي تؤمن بدين سماوي آخر مع بقائها على دينها فلا يمانع بزواج مدني تتوفر فيه الشروط الشرعية وخصوصاً اذا تم في المحكمة حفظاً لحقوق الزوجين من الضياع فلا ضير في ذلك ، وافتى العالم الازهري الكبير الشيج عبدالله العلايلي مبكراً بجواز هذا الامر كما افتى به العديد من الفقهاء السنة من بينهم الشيخ السوداني حسن الترابي. أما بالنسبة للمرجع الديني الشيعي آية الله السيد محمد حسين فضل الله فهو الاقرب بين المراجع الشيعة الى فكرة الزواج المدني ، فيرى السيد فضل الله في كتابه احكام الشريعة ان "الزواج يتحقق (ايجاباً و قبولاً) بكل لفظٍ تعارَف الناس على استعماله في ما يدل على الزواج وعلى الرضا به سواء باللغة العربية او غيرها وسواء الفصحى من العربية او العامية".
بعد كل هذا السرد والرؤية الواضحة للديانتين المسيحية والاسلامية في ما يخص مدنية الزواج يرى الكثيرون ان حرمة هذا الزواج في وقتنا الحالي يعود الى سبب واحد وهو زعزعة امبراطورية المراجع وعلماء الدين المسلمين منهم والمسيحين التي تكونت بفضل سيطرتهم على الحياة الاجتماعية والاقتصادية للمواطن اما الاعتبارات الدينية ليست سوى ذرائع يتخدونها للحد من انهيار المنظومة الدينية والطائفية .
متى سيأتي اليوم الذي تتحقق فيه العدالة الاجتماعية ويكون اول معالمها الزواج المدني؟