نظراً لكثرة الطوائف والمذاهب الدينية في لبنان، وغياب قانون مدني للأحوال الشخصية منذ استقلاله، فإن الأديان السماوية هي التي تتحكم في القرارات المصيرية لأي فرد، وتتدخل في شتى شؤون حياتنا وكيفية التعامل معها.
وبالتالي، فإن من يخالف شرعية الأديان السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلامية هو ممنوع من منظور ديني.
ورغم الإنتهاكات المتكررة لحقوق النساء والأطفال في القوانين الشرعية الطائفية وارتفاع نسب الطلاق، لم يتحرك المؤتمنون على الدين من أجل الإصلاح، بل تحركت غيرة الدين بهم بإصدار الفتاوى التي تناهض من سيأخذ المبادرة بطرح مثل هذه المواضيع.
بالعودة إلى طريقة طرح علماء الدين لموضوع الزواج المدني هناك من طرح الموضوع بلغة الإعتدال، وهو سيد البلاغة السيد موسى الصدر عام 1969" حيث قال :إن من يعترف بتوحيد الله وبنبوة السيد المسيح وصدق الأنبياء ويؤمن بأن محمدا رسول الله، يُعدّ مسلما يمكنه ان يتزوج من فتاة مسلمة، أما الشخص الذي لا يعترف بذلك فلا شك ان هناك نصوصا لا يمكننا تخطيّها".
وبذلك يكون السيد موسى الصدر قد عرض رأيه بمسألة الزواج المدني، ولم يعارض إقرارها، لأنه كان إمام الإعتدال الوحيد.
أما اليوم فالخطورة فيما هدد به مفتي الجمهورية السابق، محمد رشيد قباني، في العام 2013 :" الذي قال "كل من يوافق من المسؤولين المسلمين في السلطة التشريعية والتنفيذية على تشريع وتقنين الزواج المدني ولو اختيارياً هو مرتد وخارج عن دين الإسلام، ولا يُغسل ولا يُكفن ولا يُصلى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين".
وفي السياق عينه رأى الأب نعمة الله سعادة من جهته أن :"ان المؤمن ملتزم بعقيدته المنزلة قولا وفعلا، باطنا وخارجا، وحدة كاملة، وكل قول وعمل إيجابي إن من تشجيع، أو تحبيذ، أو دعاية بخلاف العقيدة ولو على سبيل المسايرة، يُعدّ مساومة على العقيدة وخيانة لها، كما هو الترويج للزواج المدني، ولو من أجل مساعدة الغير".
إقرأ أيضًا: فرنسا على شفير حرب أهلية أم إسقاط نظام؟
فهل أنهت تعاليم المسيح عن مساعدتنا لغيرنا؟
وبدوره انتقد المطران بولس مطر مسألة طرح الزواج المدني قائلاً:"الضجة التي تثار حول الزواج المدني المدفوع على مجتمعنا من بعض الأنظمة الخارجية التي لا تشبه مجمعاتنا".
أما في الخطوة العملية، وبناءً على مبادرة وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن بشأن معالجة ملف الزواج المدني، توجه الناشط "جيلبرت دومط" لها بكتاب مفتوح يرسله إلى الوزارة يوم الخميس القادم، والذي تخطى ال ٥٠٠٠ توقيعا بأقل من ٢٤ ساعة.
واللافت خلال متابعتنا للموضوع أن نقاشات في الكيان الإسرائيلي حول الموضوع تأتي بالتزامن مع طرحه في لبنان ليقول البعض نشكر الله ونحمده أن الكيان الإسرائيلي ضد الزواج المدني أيضاً.
ويطالب الإسرائيليون اليوم بتشريع الزواج المدني تزامناً مع طرحنا للموضوع، وشعب الكيان يقول أنهم "الدولة" الديمقراطية الوحيدة في العالم التي لا تتطبق قانون الزواج المدني.
وهل من محاسن الصدف أن نجد هذا الجدل حول قانون الزواج المدني لدى جميع الاديان؟ فيما يرفضه رجال الدين اليهود "الإسرائيليين" والمسلمين والمسيحيين.
فمن ينتصر في النهاية؟؟