استغل وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف فرصة المؤتمر الأمني للدفاع عن بلاده وقال كلمته التي ستبقى مثلا سائرا عند الدبلوماسيين: لا يريد أحد أن يبيعنا حتى مقاتلات، فهل علينا أن ندافع عن أنفسنا بالسيف؟!
وبتلك المفردات تمكن الوزير ظريف من شن هجوم مضاد على مؤتمر وارسو الذي قد علق عليه الرئيس ترامب آمالًا كبيرة وكثيرة ولكن لم يصل ذلك المؤتمر إلى أي من أهدافه ولا حتى من الوصول إلى بيان ختامي وعلى العكس سجل فشلًا للسياسة الخارجية الأميركية التي تعاني فيما تعاني من نقص كبير في كوادرها بعد اجتياح الرئيس ترامب البيت الأبيض.
وبل يمكن القول بأن مؤتمر وارسو كان دليلًا واضحًا على فشل ترامب في تحقيق أهدافه من وراء إعادة العقوبات على إيران.
إقرأ أيضًا: قائد الحرس الثوري يهدد السعودية والإمارات وباكستان
ذلك لأن الرئيس ترامب قد توعد منذ انسحابه من الإتفاق النووي، النظام الإيراني بالإسقاط أو الإستسلام والعودة إلى طاولة التفاوض وحدد فترة زمنية لإستسلام إيران وهي شهرين أو ثلاثة ولكن مضى أكثر من ضعفين لتلك الفترة ولم يحدث شيء في إيران يدل على استسلام النظام ولا انكماشه والمسيرات الشعبية التي شهدتها جميع المدن الإيرانية في الأسبوع الماضي دليل واضح على أن النظام الإيراني لا يشعر بالتهديد الداخلي والسبب يعود إلى أن معظم المواطنين الإيرانيين يشعرون بأن مصالحهم الإقتصادية والإجتماعية متشابكة جدًا مع تلك التي تتبناها وتتابعها النظام.
بهذا المنظور الماركسي الدقيق يمكننا القول بأن التعويل على انتفاضة شعبية أو ثورة ضد النظام الإيراني تعويل خاطئ ونابع عن الأحلام أكثر منها عن الواقع.
وعندما يقول وزير الخارجية ظريف من منبره في ميونيخ بأن سبعة رؤساء امريكيون جاؤوا إلى البيت الأبيض وكانوا يحلمون بإسقاط الجمهورية الإسلامية وانتهت ولاياتهم وجميعهم اخفقوا في تحقيق حلمهم ولكن نحن الآن هنا، فأنه يعرف بحقيقة التشابك المعقد بين مصالح أغلبية الشعب والنظام الإيرانيين.
إقرأ أيضًا: ايران: مجلس القيادة بدل المرشد الأعلی؟!
تلك حقيقة بسيطة لا يحتاج فهمها أو تفهمها إلى أن يكون الشخص عبقريًا والديموقراطيون الأمريكيون كانوا ولا يزالون اكثر تفهما وأدق فهما لتلك الحقيقة.
إن التغيير الذي يتابعه الاصلاحيون ومعهم اطراف سياسية وطنية إيرانية ليس له صلة بما تريده الولايات المتحدة من عودة إيران إلى دورها السابق قبل أربعين عامًا وهو اداء دور شرطي الشيطان الأكبر في الشرق الأوسط.
وعليه أن المهمة التي القيت على عاتق الوزير ظريف ليست صعبة وهو مسح آثار مؤتمر وارسو الذي لم يترك إلا وصمة العار على الذين يتسابقون في مصافحة رئيس وزراء الكيان المحتل نتنياهو.