أولاً: محاربة الفساد بالوسائل القديمة.
سماحة أمين عام حزب الله سيُحارب الفساد بتُؤدة وحذر، شرح ذلك اليوم خلال احتفالٍ حزبيٍّ حاشد، وذلك ربما تحاشياً من إحراج الحلفاء ورفاق الدّرب، سيحارب الفساد وفق الطريقة اللبنانية المعهودة، والتي كما دلّت التجارب، تُشجّع على الفساد بدل القضاء عليه: إنشاء لجان فرعية، تجميع الوثائق، تكوين ملفّات، تكليف أفراد مُتخصّصين، العمل على إصلاحات تشريعية وقانونية وإداريّة، وأخيراً الذهاب إلى القضاء كي يقول كلمته النهائية.
وكأنّ السيد حسن نصرالله، وهو العارف ببواطن الأمور فضلاً عن ظواهرها، لا يعلم بأنّ اللجان هي مضيعة للوقت، وأنّ القوانين، إن وُجدت بعد شقّ الأنفُس، لا تجد طريقها للتّنفيذ إلاّ ما رحم ربُّك، وأنّ القضاء كان وما يزال الجنّة التي يتفيّأ ظلالها الفاسدون، حيث يتبارى المحامون في دحض الإتهامات، ويتقاعس المسؤولون، ويحتمي القُضاة بعدم كفاية الأدلة، فتُحفظ الملفات، هذا إذا لم يُلاحق المُتصدّون للفساد بتُهم القدح والافتراء وتشويه السُّمعة والنّيل من هيبة الشخصيات العامّة والشركات الخاصّة وسمعتها.
اقرا ايضا : مناقشات الثّقة النيابية.. مطاردة شبح الفساد ومواعيد عرقوب
ثانياً: السيد نصرالله يتّكلّ على النائب فضل الله...
إذا كان السيد نصرالله سيتّكلّ على النائب حسن فضل الله لمحاربة الفساد، فبُشرى للفاسدين، وتعساً للُّبنانيّين، فقد سبق للسيد فضل الله أن تبجّح بالقضاء على "غول" الفساد قبل الانتخابات النيابيّة الماضية، ليغيب بعد ذلك غيبته الكبرى لحوالي عامٍ كامل، فافتقده اللبنانيون الذين غالباً ما يُصدّقون وعود أقطاب حزب الله، ليظهر فجأةً منذ أيام، وخلال مناقشة البيان الوزراي لحكومة "إلى العمل"، مُستعيداً خطابه السابق دون أيّ تعديلٍ يُذكر، يجزم النائب فضل الله بوجود مسؤولين فاسدين، وسرقاتهم بمئات ملايين الدولارات، ومع ذلك تبقى "التّعمية" هي الحاضرة.
السيد نصرالله اليوم بدا ظهيراً للنائب فضل الله، لا يجوز تسمية أحدٍ من الفاسدين المنتشرين في كافة القطاعات والإدارات، وعلى رأسهم كبار المسؤولين من وزراء ونواب، فهذه مهمّة القضاء، وكان رئيس الجمهورية قد عزف مراراً هذه المعزوفة، من لديه تهمة فليذهب للقضاء بمستنداته، ومن يومها الفاسدون يرتعون ويمرحون وينهبون، واللبنانيّون يُنشدون:
قليلُ المال تُصلحُه فيبقى
ولا يبقى الكثيرُ مع الفساد.