تحت عنوان "حقائق وقواسم مشتركة بين لبنان واليونان" كتبت غريتا صعب في صحيفة "الجمهورية": "في آب الماضي، خرجت اليونان من دورتها الثالثة والأخيرة من برنامج انقاذها الدولي، علماً انّها ما زالت تترنّح تحت ثقل الديون الضخمة، والتي وصلت الى 190 بالمائة من دخلها القومي.
بعد أشهر من المحادثات الشاقة، توصلت اليونان الى اتفاق تاريخي مع الحكومات الأوروبية لتخفيف وطأة الديون. هذه الاتفاقية تمنح اليونان عقداً من الزمن او اكثر لبدء سداد ديونها، مقابل تأكيدات بأنّها لن تعود الى الإنفاق الذي وضع البلاد على حافة الهاوية. واهمية الاتفاق كبيرة، لاسيما وانّه يضع على المَحَك قدرة البلاد وجديتها في سداد ديونها على الاجل الطويل.
وهذا السؤال حيوي بالنسبة لدولة عاشت فترة طويلة من التراجع، وبالكاد تخرج الآن من ضائقتها المالية، علما انّها في الواقع قطعت شوطاً كبيراً في ظل ركود يُعتبر الاعمق في التاريخ الحديث- وهي تحاول الآن الخروج من أزمتها مع نمو الناتج بنسبة 1.9 في المائة العام الماضي، وفقاً لما ذكرت المفوضية الأوروبية. كما ارتفعت ثقة المستثمرين، ما يسمح لأثينا بالعودة الى سوق السندات، ومع تحسن تصنيفها من قبل المؤسسات الدولية وانخفاض مؤشر اسعار الفوائد لسندات العشر سنوات، من 4.6 في المائة العام الماضي الى حوالى 4.1 في المائة مقارنة مع 2.84 بالمائة للسندات الإيطالية و0.35 بالمائة للسندات الألمانية.
الا انّه ورغم من هذه الارقام، يبدو انّ الاقتصاد اليوناني ما زال هشاً، ولم تأتِ هذه الارقام بفضل جدّية اليونانيين في إدارة شؤونهم وحدهم، انما بفضل حكومات منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي، والذين قدّموا ثلاث جولات من المساعدات في الاعوام 2010 و2012 2015، بلغت مجملها ما يعادل 300 مليار يورو، علماً انّ صندوق النقد الدولي أوقف اعاناته بعد الجولة الثانية، واكتفى بالمساعدة التقنية. وفيما الجدير بالذكر، انّ جميع هذه البرامج لم تكن كافية.
وبالاضافة الى ذلك، فانّ الاصلاحات التي تعهّدت أثينا اتباعها مقابل تقديم قروض، كانت تستهدف معالجة العيوب الصارخة: نظام المعاشات التقاعدية والتهرّب الضريبي. وثمة تدابير اخرى، مثل تحرير قانون العمل وترخيص الاعمال التجارية، بهدف تعزيز النمو والاستثمار في قطاع الشركات. هذا فضلاً عن شد الأحزمة ووقف الهدر ومحاولة تخفيف الفساد.
من هنا يظهر انّ اسباب الأزمة اليونانية ليست اقتصادية فحسب بل سياسية واجتماعية، لاسيما وانّه في العقود القليلة الماضية، زادت العمالة في القطاع العام، ليس لأسباب اقتصادية انما نتيجة المحسوبيات، تماماً كما يجري عندنا في لبنان. حيث انّ كل وزير يتسلّم وزارة يسعى دائماً الى توظيف محازبيه ومناصريه في تلك الوزارة، دون الاخذ في الاعتبار تحمّل الوزارة لاستيعابهم، إضافة الى اعباء زيادة المصاريف.
لقد أساءت السلطات اليونانية في استخدام اموال الاتحاد الاوروبي، بالزيادة المفرطة في الانفاق الحكومي وبسبب سوء السياسة الاقتصادية وعدم كفاءة السلطات الضريبية وانتشار التهرّب الضريبي، وكذلك ازمة التكاليف ذات الصلة، مما يعني زيادة في الحساب الجاري الذي لم يُموّل من الاستثمار المباشر، انما من طريق التوسع السريع في الديون. وهذه امور تُطبّق على لبنان، الذي يسعى للخروج من دوامة المديونية، فنراه يقع في مديونية اكبر، طالما انّ العناصر المؤدية الى الاصلاح غير متوفرة، لاسيما خفض الانفاق العام ومكافحة الفساد وزيادة الدخل العام من خلال مكافحة التهرّب الضريبي واصلاح الضرائب وفرض ضرائب على الثروات".
الا انّه ورغم من هذه الارقام، يبدو انّ الاقتصاد اليوناني ما زال هشاً، ولم تأتِ هذه الارقام بفضل جدّية اليونانيين في إدارة شؤونهم وحدهم، انما بفضل حكومات منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي، والذين قدّموا ثلاث جولات من المساعدات في الاعوام 2010 و2012 2015، بلغت مجملها ما يعادل 300 مليار يورو، علماً انّ صندوق النقد الدولي أوقف اعاناته بعد الجولة الثانية، واكتفى بالمساعدة التقنية. وفيما الجدير بالذكر، انّ جميع هذه البرامج لم تكن كافية.
وبالاضافة الى ذلك، فانّ الاصلاحات التي تعهّدت أثينا اتباعها مقابل تقديم قروض، كانت تستهدف معالجة العيوب الصارخة: نظام المعاشات التقاعدية والتهرّب الضريبي. وثمة تدابير اخرى، مثل تحرير قانون العمل وترخيص الاعمال التجارية، بهدف تعزيز النمو والاستثمار في قطاع الشركات. هذا فضلاً عن شد الأحزمة ووقف الهدر ومحاولة تخفيف الفساد.
من هنا يظهر انّ اسباب الأزمة اليونانية ليست اقتصادية فحسب بل سياسية واجتماعية، لاسيما وانّه في العقود القليلة الماضية، زادت العمالة في القطاع العام، ليس لأسباب اقتصادية انما نتيجة المحسوبيات، تماماً كما يجري عندنا في لبنان. حيث انّ كل وزير يتسلّم وزارة يسعى دائماً الى توظيف محازبيه ومناصريه في تلك الوزارة، دون الاخذ في الاعتبار تحمّل الوزارة لاستيعابهم، إضافة الى اعباء زيادة المصاريف.
لقد أساءت السلطات اليونانية في استخدام اموال الاتحاد الاوروبي، بالزيادة المفرطة في الانفاق الحكومي وبسبب سوء السياسة الاقتصادية وعدم كفاءة السلطات الضريبية وانتشار التهرّب الضريبي، وكذلك ازمة التكاليف ذات الصلة، مما يعني زيادة في الحساب الجاري الذي لم يُموّل من الاستثمار المباشر، انما من طريق التوسع السريع في الديون. وهذه امور تُطبّق على لبنان، الذي يسعى للخروج من دوامة المديونية، فنراه يقع في مديونية اكبر، طالما انّ العناصر المؤدية الى الاصلاح غير متوفرة، لاسيما خفض الانفاق العام ومكافحة الفساد وزيادة الدخل العام من خلال مكافحة التهرّب الضريبي واصلاح الضرائب وفرض ضرائب على الثروات".