تسعى الولايات المتحدة، من خلال حشد ممثلي 60 دولة في وارسو، منها عشر دول عربية هي السعودية، الإمارات، البحرين، مصر، اليمن، الأردن، الكويت، المغرب وعُمان، وذلك خلال مؤتمر حول الشرق الأوسط بدأ أمس ويُختتم اليوم، الى تحقيق «تقدّم جدي في تكثيف الضغط على إيران ومواجهة نشاطاتها الخبيثة.
لكن طهران اعتبرت أن المؤتمر وُلد ميتاً وهذا الاجتماع على المستوى الوزاري يبحث في قضايا الشرق الأوسط حيث تضغط الولايات المتحدة من أجل تأسيس تحالف عربي إقليمي عسكري يعرف باسم تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي، ويطلق عليه رمزيا الناتو العربي. إذ ترغب إدارة الرئيس دونالد ترامب في تأسيس التحالف لمواجهة إيران والعمل على استقرار الإقليم.
كما تسعى للترويج لمستقبل يعمه السلام والأمن في الشرق الأوسط، كما ذكر بيان للبيت الأبيض.
في السياق، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إنه من المستحيل إحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط دون مواجهة إيران، وأدلى بومبيو بهذا التصريح في حديث مقتضب أمام الصحفيين بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بداية الجولة الثانية من المؤتمر المنعقد في وارسو حول الشرق الأوسط.
إقرأ أيضًا: البيان الوزاري ...اسمع تفرح جرب تحزن
من جانبه، قال نتانياهو إنه سيجتمع اليوم مع وفود على هامش لقاء سيعقده مع زعماء آخرين حاضرين لفعاليات المؤتمر من بينهم نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، وأكد تقارب وجهات النظر حول الخطر الإيراني.
ويشارك في مؤتمر وارسو حول الشرق الأوسط ممثلون عن أكثر من 60 دولة، في غياب إيران، فلسطين، تركيا، لبنان، وروسيا وكذلك الصين، التي لم تتلق دعوة من الأساس.
ولا يقتصر جدول الاعمال على مواجهة ايران، فقد تم التوسع في أجندة المؤتمر لتشمل بعض القضايا العامة مثل تحديات الأوضاع الإنسانية، وأوضاع اللاجئين، والحد من انتشار الصواريخ، وتهديدات القرن الحادي والعشرين مثل القرصنة الإلكترونية والإرهاب.
ويبدو ان المؤتمر ينعقد في ظل انقسام غربي حول بعض القضايا بما في ذلك النظرة الى العلاقة مع ايران، فيما يشدد الخبراء على عدم رفع سقف التوقعات فيما يخص التصعيد مع إيران لكنهم يصرون على مراقبة اللهجة التي سيعتمدها البيان الختامي والتي سترسم الخط البياني لهذا التصعيد في المرحلة القادمة.
فحلفاء واشنطن يعتبرونه محطة لكبح الخطر الايراني عبر تشكيل جبهة دولية - إقليمية لمواجهة إيران ومحاصرتها. فيما قوى دولية أخرى تقلل من شأنه، وتتوقع خروجه بنتائج هزيلة ربطاً بعدم الحماسة الأوروبية لهذا المؤتمر، والتي ترجمت بتخفيض مستوى مشاركة فرنسا والمانيا والاتحاد الاوروبي الى الحد الأدنى، بالتوازي مع أصوات من داخل الاتحاد الاوروبي تدعو لحوار مع إيران حول دورها في المنطقة.
إقرأ أيضًا: سباق دبلوماسي في لبنان
في المقابل، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن مؤتمر وارسو ولد ميتاً، وزاد إنه مسعى جديد تبذله الولايات المتحدة، في إطار هوسها الذي بلا أساس إزاء إيران. أما المرشد علي خامنئي فعلّق على المؤتمر، قائلأ في اشارة الى الأميركيين: «يشعرون أنهم في حاجة إلى ائتلاف من عشرات الدول العدائية والمتهيّبة لمواجهة ايران، سياسياً وعسكرياً.
واضاف: في ما يتعلّق بأميركا، لا مشكلة يمكن حلها والمفاوضات معها ليست سوى خسارة اقتصادية ومعنوية. وتابع: يرى الشعب الإيراني أن دولاً أوروبية ماكرة وغير جديرة بالثقة، مثل أميركا المجرمة، وعلى الحكومة الايرانية أن تراعي بحرص حدودها معها، يجب ألا تتراجع إيران خطوة واحدة عن قيمها الوطنية والثورية»، وزاد ملمحاً الى الرئيس حسن روحاني، أن «الضعف في الإدارة» هو أحد التحديات الداخلية الكبرى.
أما عربيا حيث المخاوف من محاولات تمرير صفقة القرن. فحذرت وزارة الخارجية الفلسطينية الدول المشاركة من ان هذا المؤتمر أمريكي بامتياز، وأن الإدارة الأمريكية تسعى من خلال دعوتها لأكثر من 70 دولة لحضوره لتسويق مشروعها الهادف إلى تدمير النظام الدولي القائم على آليات متعددة الأطراف، والمستند إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الناظمة.
وبكل الاحوال فإن المؤتمر ربما تريد منه واشنطن تشكيل اصطفاف جديد، يؤسس بمكان معين الى حرب باردة جديدة بين معسكرين شرقي وغربي، فهل تنجح في اعادة صياغة واقع دولي جديد؟ الجواب بانتظار ما سيتضمنه البيان الختامي.