قفز متعمد على دور إيران في تأزيم الوضع باليمن عبر إمداد الميليشيات الحوثية بالمال والسلاح.
 
حذّرت بريطانيا من تضاؤل فرص تحقيق السلام في اليمن انطلاقا من اتفاقات السويد التي قادت إلى إبرامها جهود المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الدبلوماسي البريطاني المخضرم الذي تحوم شكوك بشأن تأثّر منظوره للحلّ السلمي في اليمن بمنظور بلده الأصلي بريطانيا وبمصالحها في المنطقة.
 
وقاد إلى هذه الشكوك ما يعتبره البعض مبالغة من غريفيث في المرونة واللين إزاء المتمرّدين الحوثيين المتهمين على نطاق واسع بتعطيل جهود السلام والتهرّب من استحقاقاته.
 
واقتضى التساهل مع الحوثيين، بالنتيجة، القفز على دور إيران الداعمة لهم، في تأزيم الصراع في اليمن وإذكائه من خلال إمدادهم بالمال والسلاح، ليبدو غريفيث بذلك مراعيا لمصلحة بريطانيا المهتمة بالإبقاء على مساحة للتواصل والتفاهم مع طهران حفاظا على إمكانية للتعاون الاقتصادي المستقبلي معها وما تتيحه سوقها من فرص، في حال انفرجت علاقة طهران بالمجتمع الدولي، خصوصا وأن بريطانيا مقدمة على خروج صعب من الاتحاد الأوروبي لن يكون من دون تبعات اقتصادية تحتّم اقتناص الفرص مهما كان مصدرها.
 
وقال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت، الأربعاء، إن فرصة تحويل وقف إطلاق النار في اليمن إلى خطة للسلام تتضاءل.
 
وأضاف في بيان سبق اجتماعا عقده مع وزراء خارجية الولايات المتحدة والإمارات والسعودية في وارسو ببولندا القول “أمامنا الآن فرصة آخذة في التضاؤل لتحويل وقف إطلاق النار إلى مسار دائم للسلام ووقف أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.
 
وتابع “تحقق تقدم حقيقي بالنسبة للتوصل إلى حل سياسي، لكن هناك أيضا مشكلات حقيقية تتعلق بالثقة بين الطرفين ما يعني أن اتفاق ستوكهولم لا ينفذ بالكامل”.
 
وتبدي لندن اهتماما استثنائيا بإنجاح جهود مارتن غريفيث في اليمن، فاق ما أولته من اهتمام وما قدّمته من دعم للمبعوث السابق إسماعيل ولد الشيخ.

قال هنت في ذات البيان إنّ “المجاعة المدمرة في اليمن أزمة اقتصادية من صنع الإنسان، وليست كارثة طبيعية، وبإمكاننا اليوم أن نخطو خطوات واضحة لدعم حكومة اليمن، بما في ذلك الخطوات العملية لتحسين حياة اليمنيين كاستئناف الحكومة لدفع رواتب موظفيها. ومن شأن هذه الخطوة الهامة أن تؤدي بالتالي إلى تحسين وصول الغذاء إلى الملايين”.

وفي السياق ذاته قالت الحكومة البريطانية على لسان المتحدّثة باسمها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أليسون كينغ، إن الوقت قد حان لإنهاء المعاناة الكارثية في اليمن، معربة عن دعمها لمواصلة الجهود بغية التوصل إلى حل سياسي للأزمة.

وجاء ذلك في تصريح مسجل على شريط فيديو بثته كينغ، الأربعاء، عبر صفحتها على تويتر، وقالت فيه إنّ “التزام بريطانيا بالوقوف مع الشعب اليمني، مستمر دبلوماسيا وسياسيا وإنسانيا”.

وأضافت أنه “على الصعيد السياسي والدبلوماسي، ندعم الجهود الأممية لإيجاد حل للأزمة اليمنية”، معتبرة أنّ “اتفاق ستوكهولم الذي نتج عنه وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة، يعد من أهم الخطوات الإيجابية في السنوات الأخيرة”.

ومضت بالقول “ندعو جميع الأطراف للالتزام والمشاركة الجدية في المحادثات التي ترمي إلى إيجاد حل سياسي مستدام للصراع”.

وشددت على أنه “لا يوجد حل عسكري للأزمة اليمنية، وأنه قد حان الوقت لإنهاء المعاناة الإنسانية الكارثية”، مختتمة بالقول “ندعو بأن يعود اليمن سعيدا”.

وكانت مشاورات جرت في شهر ديسمبر الماضي بالعاصمة السويدية ستوكهولم قد أفضت إلى إبرام ممثلّي الحكومة اليمنية والحوثيين اتفاقا يتعلق بحل الوضع بمحافظة الحديدة من خلال إقرار وقف لإطلاق النار وتنفيذ عملية إعادة انتشار للقوات العسكرية تتضمّن إخلاء الموانئ الثلاثة، الحديدة والصليف ورأس عيسى، إضافة إلى تبادل الأسرى والمعتقلين لدى الجانبين والذين يزيد عددهم عن 15 ألف فرد.

وعدا عن صمود وقف إطلاق النار، فإن أيا من جوانب الاتفاق الأخرى لم يتمّ تنفيذه بسبب محاولة الحوثيين استخدام الاتفاق للإبقاء على سيطرتهم على الحديدة كما هي دون تغيير.

وبدا مجدّدا من خلال كلام هنت وكينغ على حدّ السواء، وجود ثابت في الخطاب البريطاني بشأن الأزمة اليمنية، متمثّل في تجاهل تحديد الطرف المعطّل لتنفيذ اتفاق السويد، وذلك في مقابل حرص القوى الداعمة للشرعية اليمنية على تحديد المسؤوليات عن تعطيل السلام باليمن.

وقال أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية إنّ “تنفيذ اتفاق ستوكهولم أولا هو الموقف المنطقي والواضح ومن ثم السير في مفاوضات تتناول الملفات الأخرى”.

وأضاف الوزير الذي تشارك بلاده بشكل رئيس في تحالف دعم الشرعية اليمنية بقيادة السعودية، قائلا في تغريدة على تويتر إنّ “الحل السياسي للأزمة لن يتحقق بنقض الالتزامات والتعهدات.. أمامنا فرصة تاريخية تهدّدها الجهود الحوثية للالتفاف على ستوكهولم”